الحمد لله العزيز القهار، العالم بالاسرار الذي اصطفى سيد البشر سيدنا محمد بن عبد الله بنبوته، ورسالته، وحذر جميع خلقه مخالفته فقال عز من قائل فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً وصلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه وأزواجه وذريته أجمعين.
أما بعد: فاعلم أن علم الحديث ومن جملته علم السيرة النبوية أجل العلوم قدرا وأكملها مزية، من حازه فقد حاز فضلا كثيرا، ومن أوتيه فقد أوتي خيرا كثيرا. فقد روي عن سفيان الثوري رحمه الله كما ذكره ابن الصلاح في مقدمة علوم الحديث له قال:«ما أعلم عملا أفضل من طلب الحديث لمن أراد به الله عز وجل» . قال ابن الصلاح: وروينا نحوه عن ابن المبارك أهـ.
قاله العلامة أبو الفيض مولانا جعفر الحسني الادريسي الشهير الكتاني رحمه الله تعالى وإيانا في مقدمة كتابه «نظم المتناثر من الحديث المتواتر» .
ثم كما قال بعض الصالحين رضوان الله تعالى علينا وعليهم: إن معرفة عبادة الله تعالى والعمل بدينه الذي أنزله لصلاح شؤون العباد في الدنيا والآخرة متوقفة على معرفة هدى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وطريقته العملية التي بين فيما شرع الله تعالى أول ما نزل عليه الوحي إلى أن أكمل الله تعالى هذا الدين وقد وعت كتب السنة والمغازي والتاريخ والشمائل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأفعاله، وصفاته من أول نشأته إلى أن اختاره الله تعالى إلى جواره، لا سيما الفترة التي أدّى فيها الرسالة ولم تدع أمرا من أموره ولا شيئا من شؤونه دقّ أو جل إلا أحصته حتى