للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس ويحسّن الحسن ويقوّيه، ويقبّح القبيح ويوهّيه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، لكلّ حال عنده عتاد، لا يقصّر عن الحق ولا يجاوزه، الذين يلونه من الناس، خيارهم؛ أفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة. قال: فسألته عن مجلسه، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم ولا يجلس إلّا على ذكر وإذا انتهى الى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، يعطي كلّ جلسائه بنصيبه، لا يحسب جليسه أنّ أحدا أكرم عليه منه. من جالسه أو فاوضه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يردّه إلّا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحقّ سواء مجلسه مجلس علم وحلم وحياء، وأمانة وصبر لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تثنى «١» فلتاته، متعادلين؛ بل كانوا يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين، يوقّرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب» «٢» .

٣٢٠- حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع «٣» . حدثنا بشر بن المفضل. حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أهدي إليّ كراع لقبلت ولو دعيت عليه لأجبت» «٤» .

٣٢١- حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الرحمن. حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال:

«جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس براكب بغل ولا برذون» «٥» .


(١) لا تثنى: لا تذاع ولا تشاع.
(٢) انظر تخريج الحديث رقم ٧. ولا تؤبن: أي لا تعاب.
(٣) محمد بن عبد الله بن بزيع: البصري. توفي سنة ٢٥٧ هـ.
(٤) أخرجه الترمذي في الاحكام برقم ١٣٣٨.
(٥) أخرجه البخاري عن جابر «أتاني رسول الله يعودني وأبو بكر وهما ماشيان» . ويفيد الحديث تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه كان يزور أصحابه ماشيا. لما في ذلك من كثرة الثواب. والبرذون: ضرب من الدواب يخالف الخيل، عظيم الخلقة.

<<  <   >  >>