للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: " نبذوه وراء ظهورهم" حملوه وراء ظهورهم؛ وهذا مثل يقال لكلّ رافض أمرا كان منه على بال: قد جعل فلان هذا الأمر منه بظهر وجعله وراء ظهره، يعني به أعرض عنه وصدّ وانصرف ... "

وقال الله سبحانه: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" (سورة الفتح ٢٩)

قال سيد قطب في تفسيره: " إنها صورة عجيبة يرسمها القرآن الكريم بأسلوبه البديع.

صورة مؤلفة من عدة لقطات لأبرز حالات هذه الجماعة المختارة، حالاتها الظاهرة والمضمرة. فلقطة تصور حالتهم مع الكفار ومع أنفسهم: " أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم" ولقطة تصور هيئتهم في عبادتهم: " تراهم ركعا سجدا". ولقطة تصور قلوبهم وما يشغلها ويجيش بها: " يبتغون فضلا من الله ورضوانا". ولقطة تصور أثر العبادة والتوجه إلى الله في سمتهم وسحنتهم وسماتهم: " سيماهم في وجوههم من أثر السجود".." ذلك مثلهم في التوراة". وهذه صفتهم فيها.. ولقطات متتابعة تصورهم كما هم في الإنجيل..

" كزرع أخرج شطأه"" فآزره".." فاستغلظ"" فاستوى على سوقه". " يعجب الزراع".." ليغيظ بهم الكفار".

وجاء في سورة البقرة الآية ١٤٦: " الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ".

ونقرأ في تفسير الجلالين- للإمامين جلال الدين المحلّى وجلال الدين السيوطي-: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه أي محمدا كما يعرفون أبناءهم بنعته في كتبهم قال

<<  <   >  >>