للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت له:

هذا لا يكون، وكيف تظنّ بالله أنّك إذا آثرت رضاه على هواك يخزيك ويضلّك ويحوجك؟! ولو فرضنا أنّ ذلك أصابك فما ظفرت به من الحق والنجاة من النار ومن سخط الله وغضبه، فيه أتمّ العوض عمّا فاتك.

فقال:

حتى يأذن الله.

فقلت:

القدر لا يحتج به! ولو كان القدر حجة لكان حجة لليهود على تكذيب المسيح وحجة للمشركين على تكذيب الرسل، ولا سيما أنتم تكذبون بالقدر فكيف تحتجّ؟!!

فقال:

دعنا الآن من هذا. وأمسك. "

لاحظ أيها العاقل كيف ناظر الإمام ابن القيّم هذا" العالم" النصراني المقدّم عند قومه الجالس على عرش سرابي زائل، فأقام عليه الحجة، وأحمد وساوسه، وأبطل شبهاته، ومما لا شكّ فيه أنه قد أثبت له بشارة الكتاب المقدس ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم لركنية هذا الموضوع في مثل ذلك النقاش، ولكنّ عند ما تنقاد النفس الطمّاعة لشهوة النفس وتسير في ركابها فإنّها تتأبّى عندها على الخضوع والذلّ على بابه تصديقا والتزاما!

ولنا أن نسأل هذا النصراني المعترض: إنّكم ومن تتبعون، تكررون دائما أنّ التوراة (العهد القديم) متخمة بالبشارات بالمسيح عيسى بن مريم عليهما السلام، بل لا تكاد تخلو صفحة من صفحاتها من التصريح أو التلميح بمقدم ابن العذراء!! فهل تنكرون علينا أن قلنا إنّ أحبار اليهود أرسخ منكم قدما وأطول باعا في تفسير التوراة (العهد القديم) وتأويلها، وبالتالي فتكذيبهم لقولكم السابق لا يخلو من وجاهة..

وهو المقدم على زعمكم لأنّ التوراة نزلت فيهم!

<<  <   >  >>