طالب مبتدئ في حكم العامي كيف يتمرن على قواعد المتقدمين؟ لا بد من أن يتمرن على قواعد المتأخرين، ويضبط هذه القواعد ويتقنها، ثم يبدأ بنفسه يخرج وينظر في الأسانيد، وإذا أكثر من ذلك وتأهل وصارت لديه أهلية النظر، وتأهل لمحاكاة المتقدمين في أحكامهم على الحديث بالقرائن، لا بأس هذا فرضه؛ لأن المتأخرين عالة على المتقدمين.
فإذا أراد أن يحكم على حديث:((لا نكاح إلا بولي)) كيف يحكم عليه؟ وقد حكم البخاري بوصله وأبو حاتم بإرساله؟ كيف يحكم على هذا الحديث؟ هل لديه أهلية لينظر بين أقوال أهل العلم بالقرائن فيرجح ما ترجحه القرائن، ماذا عنده من القرائن؟ أئمة كبار يحفظون مئات الألوف من الأحاديث، يكفيهم من الحديث شمه من أجل أن يحكموا عليه، أحكام المتقدمين فرع عن علم المتقدمين، علم المتقدمين قليل جداً، إيش معنى قليل؟ قليل الكلام وهو علم مبارك، يعني ما تركوا شيء ما حكموا عليه لكنه مبارك، من يطالع في:(فضل علم السلف على الخلف) للحافظ ابن رجب -رحمه الله- عرف كيف يحكم المتقدمون؟ وكيف يفتي المتقدمون؟ بينما علم المتأخرين كثير، كثير جداً، تجده إذا أراد أن يشرح مسألة يأخذ عليها ساعة، ويكتفي المتقدم بكلمة.
يقول ابن رجب -رحمه الله تعالى-: "من فضل عالماً على آخر بكثرة الكلام فقد فضل الخلف على السلف" ونحن نبهر إذا وجدنا الشخص واضح العبارة بين الأسلوب، وماذا وراء ذلك من العلم والعمل؟! والله المستعان.
أعود إلى المسألة فأقول: إذا كان الطالب ينصح وهو مبتدئ بمحاكاة المتقدمين في أحكامهم على الأحاديث، حديث:((لا نكاح إلا بولي)) حكم الإمام البخاري بوصله وحكم أبو حاتم بإرساله بما تحكم أنت؟ هل أنت مطالب بتقليد الأئمة في كل حديث تبعاً لهذه الدعوى؟ الأئمة ما اتفقوا في الحكم على حديث واحد، كيف تقلدهم؟ تقلد من؟ هل لديك أهلية وأنت مبتدئ أن تقول: أنا أقلد الإمام أحمد أو أقلد البخاري بإطلاق؟ ما استفدت قد يكون الصواب مع البخاري أو مع أحمد أحياناً.