الثاني: تدليس التسوية: تدليس التسوية: وهو شر أنواع التدليس، تدليس التسوية: أن يروي المدلس حديثاً عن ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر، فيسقط الضعيف الذي في السند ويجعل السند عن شيخه الثقة، عن الثاني الثقة، بلفظ محتمل فيستوي الإسناد كله ثقات بحسب الظاهر لمن لم يخبر هذا الشأن، شخص مدلس تدليس تسوية يروي الحديث عن زيد وزيد هذا ثقة، زيد يروي الحديث عن عمرو وعمرو ضعيف، عمرو يروي الحديث عن بكر وهو ثقة، وزيد لقي بكراً ثبت لقاء زيد لبكر، فإذا حذف عمرو الضعيف لا يحس بأن في الإسناد سقط؛ لأن زيد لقي بكر، فيكون الإسناد زيد عن بكر وأسقط الضعيف بين هذين الثقتين اللذين لقيا أحدهما الآخر هذا يسمى تدليس تسوية، سوى الإسناد فجعله كلهم ثقات، سماه بعض القدماء تجويد، فقالوا: جوده فلان، يريدون أنه ذكر من فيه من الأجواد وحذف الأدنياء، ومثاله: ما روى ابن أبي حاتم في العلل عن بقية بن الوليد قال: حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر قال: "لا تحمدوا إسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة رأيه"، قال أبو حاتم:"هذا الحديث له علة قل من يفهمها"، روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعبيد الله بن عمرو كنيته أبو وهب وهو أسدي فكأن بقية بن الوليد كنى عبيد الله بن عمرو ونسبه إلى بني أسد لكيلا يفطن به حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدى إليه، وكان بقية من أفعل الناس لهذا النوع من التدليس الذي هو شر أنواع التدليس، يعني من السهل أن لو سمى عبيد الله بن عمرو ليبحث في ترجمته وينظر لكنه كناه فقال: عن أبي وهب الأسدي كي لا يفطن به، لكي يظن أنه غيره، فلا يهتدى إلى المطلوب، وبقية ابن الوليد من أفعل الناس لهذا النوع من التدليس، وهذا التدليس كما قلنا: شر أقسام التدليس؛ لأن الثقة الأول ربما لا يكون معروفاً بالتدليس، ويجده الواقف على سند بعد التسوية قد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة، وفي هذا غرر شديد.