قد يقول قائل: كيف نعرف هذا النوع من التدليس؟ هناك شخص مدلس تدليس تسوية يروي عن شيخ بصيغة التحديث قال: حدثني فلان ثم يسقط شيخ هذا الثقة ويذكر شيخ شيخه الثقة، الذي بينهما ضعيف يسقطه، ويكون الشيخ قد لقي شيخه الذي نسب إليه ويسقط الضعيف، وأنت تبحث في الإسناد تجده كلهم ثقات لقي بعضهم بعضاً، والمدلس بقية بن الوليد صرح بالتحديث ممن فوقه، والتسوية في طبقة فوق طبقة شيخ المدلس، فعلى هذا في مثل هذا النوع يشترط أن يصرح بالتحديث في كل الطبقات، ما يكفي أن يصرح المدلس نفسه؛ لأنه ما من ثقتين إلا ويحتمل أن يكون هذا المدلس -تدليس تسوية- أسقط بينهما ضعيفاً، فإذا صرح بالتحديث في الإسناد كله أمنا من هذا التدليس.
ليس من هذا النوع إذا روى الثقة عن اثنين أحدهما ضعيف والآخر ثقة فيحذف الضعيف ويبقى الثقة، ليس من هذا النوع أن يروي الثقة عن اثنين: ثقة وضعيف، يقتصر على الثقة ويحذف الضعيف، نفترض في مثالنا الأول: زيد عن عمرو زيد ثقة عن عمرو وهو ضعيف وخالد وهو ثقة عن بكر وهو ثقة، يأتي فيحذف عمرو هل نحن بحاجة إلى عمرو؟ سند متصل بدونه، يقتصر على خالد لكونه ثقة، يعني إذا روى عن اثنين واحد ضعيف واحد ثقة، حذف الضعيف في إشكال؟ يعني أنت إذا جاءك من يقول: قدم زيد، واحد من أوثق الناس عندك، ثم جاءك شخص آخر جربت عليه كذب فقال: قدم زيد، هل يلزم أن تقول: قدم زيد أخبرني بذلك فلان وفلان، أو تقتصر على الثقة دون الضعيف؟ تقتصر على الثقة دون الضعيف.
مثال ذلك: ما رواه الإمام البخاري حيث حذف عبد الله بن عمر العمري واقتصر على الإمام مالك، الحديث جاء من طريقين من طريق عبد الله بن عمر العمري المكبر وهو ضعيف، وجاء من طريق مالك حذف العمري واقتصر على مالك، مثل مثالنا الذي ذكرناه، في حديث:((إذا جاء أحدكم إلى فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات)) .. الحديث، هذا مخرج في الصحيح في البخاري، وكون البخاري حذف العمري ما هو بحاجة إليه، ليس بحاجة إليه، اقتصر على مالك ومالك فيه الكفاية.