الصواب في ذلك أنه يجوز أن تقتصر على ما تريد بالشرط المذكور، بحيث لا يكون المذكور متوقف فهمه على المحذوف، يعني لا يتوقف فهم المذكور على المحذوف لكونه وصف مؤثر، أو لكونه استثناء أو ما أشبه ذلك، أو قيد، إذا احتاج المذكور إلى المحذوف لا يجوز لك أن تتصرف، والصحيح حينئذٍ التفصيل وهو المنع من غير العالم وجوازه من العارف إذا كان ما تركه متميزاً عما نقله، غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة، سواء رواه قبل تاماً أم لا؛ لأن ذلك بمنزلة خبرين منفصلين، روى البيهقي في المدخل عن ابن المبارك قال:"علمنا سفيان اختصار الحديث"، وهذا الاختصار إنما يجوز من الراوي الذي ترتفع منزلته عن التهمة، أما إذا اتهم الراوي بأنه زاد في الحديث إذا روه تاماً ونقص منه إذا رواه ناقصاً فعليه أن يأتي بالحديث بلفظه من غير نقص؛ فأما من رواه مرة تاماً فخاف إن رواه ناقصاً ثانياً أن يتهم بزيادة فيما رواه أولاً أو نسيان لغفلة وقلة ضبط فيما رواه ثانياً فلا يجوز له النقصان ثانياً، كما أنه لا يجوز له النقصان ابتداء إن تعين عليه أداء تمامه، كما أنه لا يجوز له النقصان ابتداء إن تعين عليه أداء تمامه؛ لئلا يخرج بذلك باقيه عن حيز الاحتجاج به، يعني إذا كان الحديث لا يوجد إلا عنده لا بد أن يأتي به تاماً، وإذا جاز الاقتصار على بعض الآية دون بعض فالحديث بالشرط المتقدم من باب أولى، كما أنه لا يجوز أن تقول:"ويل للمصلين" وتسكت، لا يجوز أن تقول:"ويل للمصلين" وتسكت، لا بد أن تأتي بما بعدها، كذلك لا يجوز أن تقول:((فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) وتسكت، فلا بد من إتمام مثل هذا لتعلق ما ذكر بما حذف، لا بد أن تقول:((إذا كان يداً بيد)) لأنك إذا قلت: ((إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) يعني متفاضلاً ولو من غير تقابض، لكن الحاجة داعية إلى ذكر الجملة التي بعد ذلك ((إذا كان يداً بيد)) وإذا جاز الاقتصار على بعض الآية في مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(٥٨) سورة النساء] يعني من يتحدث عن الأمانة ويستدل على وجوب أدائها بقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ