للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: رواية الحديث بالمعنى: إذا كان الراوي عالماً بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها، خبيراً بما يحيل المعاني، بصيراً بمقادير التفاوت بينها جازت له الرواية بالمعنى، أما إذا لم يكن الراوي عالماً بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها ولم يكن خبيراً بما يحيل المعاني بصيراً بمقادير التفاوت بينها فإنه حينئذ لا يجوز له أن يروي ما سمعه بالمعنى، بل عليه أن يؤدي ما سمع باللفظ وهذا بلا خلاف، فالمتعين عليه حينئذٍ إذا كان هذا وصفه أن يؤدي اللفظ الذي سمع، فإن كان عالماً بما يحيل المعاني عارف بمدلولات الألفاظ ومقاصدها خبيراً بما يحيل المعاني فالجمهور على جوازه، إذا كان الراوي عالماً بالألفاظ بهذه القيود لا بد أن تتوفر فيه هذه القيود، إذا كان عالماً بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها، خبيراً بما يحيل المعاني، بصيراً بمقادير التفاوت بين الألفاظ فاختلف العلماء في حكم روايته الحديث بالمعنى: فقال طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول: لا يجوز له الرواية بالمعنى كذلك، بل يتعين اللفظ، وإليه ذهب ابن سيرين وثعلب وأبو بكر الرازي من الحنفية، وهو مروي عن ابن عمر، وجوز بعضهم ذلك في غير حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يجوزه في الحديث والكلام في الحديث، وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف: يجوز بالمعنى في جميعه، إذا قطع بأداء المعنى، إذا قطع بأداء المعنى؛ لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف، ويدل عليه روايتهم القصة الواحدة بألفاظ مختلفة، القصة الواحدة تروى عن جمع من الصحابة بألفاظ مختلفة، فهذا يدل على جواز الرواية بالمعنى، قال ابن حجر: ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه بالعربية أولى، وقيل: إنما يجوز في المفردات دون المركبات، وقال الماوردي: إن نسي اللفظ جاز؛ لأنه تحمل اللفظ والمعنى وعجز عن أداء أحدهما فيلزمه أداء الآخر لا سيما أن تركه قد يكون كتماً للأحكام، فإن لم ينسه، لم ينسَ اللفظ لم يجز أن يورده بغيره؛ لأن في كلامه -صلى الله عليه وسلم- من الفصاحة ما ليس في غيره، إذا نسي اللفظ جاز الأداء بالمعنى، أما إذا لم ينسَ اللفظ فإنه

<<  <  ج: ص:  >  >>