وحديث سيء الحفظ يسمى الشاذ: تقدم في شرح تعريف الحديث الصحيح أن الشاذ ما خالف فيه الثقة من هو أوثق منه، وهذا ما حققه الإمام الشافعي، وهذا على رأي، الشاذ على رأي، أي على رأي من لا يشترط قيد المخالفة، ومتى توبع السيئ الحفظ بمعتبر وكذا المستور والمرسل والمدلس صار حديثه حسناً لا لذاته، بل بالمجموع، يشير المصنف -رحمه الله تعالى- إلى أنه متى توبع السيئ الحفظ سواءً في ذلك الملازم أو الطارئ الذي لم يتميز بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه، يعني إذا كان ممن يعتبر به بأن يكون ضعفه ليس بشديد، كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه، وكذا المستور والمرسل والمدلس إذا لم يعرف المحذوف من إسناده صار حديثهم حسناً لغيره لا لذاته، بل باعتبار مجموع الطرق.
عندنا السيئ الحفظ والمستور والمرسل والمدلس، يعني إذا كان سبب الضعف ناشئ عن قلة الحفظ أو السقط من السند فإنه يقبل الانجبار، بخلاف ما إذا كان سبب الضعف ناشئ إلى عدم العدالة، إذا كان سبب القدح في العدالة فإن هذا لا ينجبر؛ لأن مع كل واحد منهم احتمال كون روايته صواباً أو غير صواباً على حد سواء، فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين، ودل ذلك على أن الحديث محفوظ فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول، وينبغي أن يعلم أنه مع ارتقائه إلى درجة القبول فهو منحط عن رتبة الحسن لذاته، وربما توقف بعضهم في إطلاق اسم الحسن عليه، الحسن لغيره في المرتبة دون الحسن لذاته، وبعضهم لا يقبله أيضاً لا يقبل من الحسن إلا ما كان حسنه لذاته، مثال ذلك: ما رواه الترمذي عن عاصم بن عبيد الله قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ )) قالت: نعم، فأجاز، قال الترمذي:"وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وعائشة وأبي حدرد، وعاصم بن عبيد الله ضعيف لسوء حفظه، وقد حسن الترمذي له هذا الحديث لمجيئه من غير وجه".