فلا بد من الإيمان بالرسل كلهم، فاليهودي الذي لا يؤمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ويصدق به ويتبعه لا يسمى مؤمن، والنصراني الذي لا يؤمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يسمى مؤمن؛ لأن من أركان الإيمان الإيمان بالرسل، والكفر بواحد منهم كفر بجميعهم، والله المتسعان، لكن هل يخرج من لقيه مؤمناً بأنه سيبعث ولم يدرك البعثة؟ لقي النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤمن بأنه سيبعث ومعترف بأنه نبي لكن قبل البعثة، قال الحافظ:"فيه نظر، قلت: ومثال ذلك: ورقة بن نوفل حيث ذكره الطبري والبغوي وابن قانع وابن السكن وغيرهم في الصحابة، قال الحافظ في الإصابة: "وفي إثبات الصحبة له نظر، لقوله في قصة بدء الوحي:"فلم ينشب ورقة أن توفي" فهذا ظاهره أنه أقر بنبوته ولكنه مات قبل أن يدعو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس إلى الإسلام.
ثم ذكر الحافظ خبراً مرسلاً وصفه بأنه جيد يدل على أن ورقة عاش إلى أن دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الإسلام حتى أسلم بلال، ثم قال: والجمع بينه وبين حديث عائشة أن يحمل قوله: "ولم ينشب ورقة أن توفي" أي قبل أن يشتهر الإسلام.
ثم ذكر الحافظ خبراً ضعيفاً يدل على أن ورقة مات على نصرانيته، لكن الصواب أنه آمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وصدقه لما قص عليه خبر بدء الوحي، لكنه مات قبل أن يدعو النبي -عليه الصلاة والسلام- الناس إلى الإسلام، وعلى هذا كونه مقطوع بنجاته وأنه من أهل الجنة هذا ما فيه إشكال، لكن هل هو معدود في هذه الأمة أو ممن قبلها؟ هذه مسألة محل نظر، هل يثبت في الصحابة فيكون من هذه الأمة؟ أو لا تثبت صحبته؛ لأن الحد لا ينطبق عليه، لكنه آمن وصدق بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان على دين صحيح في وقته، والقول بنجاته مبني على ثبوت ما نقل في ترجمته من أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رآه في بطنان الجنة، وعليه ثياب السندس، وأن عليه أيضاً ثياب بيض، فإن ثبتت هذه الأخبار وإلا فهو على الرجاء كغيره من مسلمي هذه الأمة وغيرهم، والله أعلم.