قوله:"ومات على الإسلام" ليخرج من ارتد بعد أن لقيه مؤمناً به ومات على الردة؛ كعبيد الله بن جحش وابن خطل، قوله:"ولو تخللت ردة" أي: بين لقيه له مؤمناً به وبين موته على الإسلام؛ فإن اسم الصحبة باق له، سواء رجع إلى الإسلام في حياته -صلى الله عليه وسلم- أو بعده، وسواء لقيه ثانياً أم لا كالأشعث بن قيس فإنه كان ممن ارتد وأتي به أبو بكر أسيراً فعاد إلى الإسلام، فقبل منه ذلك وزوجه أخته، ولم يتخلف أحد عن ذكره في الصحابة، ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها.
الردة محبطة للعمل {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(٦٥) سورة الزمر] لكن هل الموت على الردة شرط في حبوط العمل؟ أو أن مجرد حصول الردة محبط للعمل؟ القيد المذكور في الآية الأخرى {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(٢١٧) سورة البقرة] نعم {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} قيد يجعل الردة لا تحبط العمل إلا إذا مات وهو مرتد، أما إذا ارتد ثم رجع إلى الإسلام فإن عمله باق لا يحبط، ومن ذلكم الصحبة، وهذه المسألة مسألة خلافية بين كثير من أهل العلم مع الحنفية، ولذا إذا حج ثم ارتد ثم رجع إلى الإسلام هل يلزم بحجة ثانية أو لا يلزم؟ والمسألة الخلاف فيها معروف ومبسوط عند أهل العلم.
ولا تظنون أن الردة لا بد أن يكفر بالله أو برسوله أو بكتبه، أو .. ، يترك الصلاة فيصير مرتد، هل عليه أن يعيد الحج أو لا يعيد؟ هذه المسألة الخلافية، ومقتضى قوله تعالى:{فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(٢١٧) سورة البقرة] أنه لا يحبط عمله إلا إذا مات كافر.
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة:"ويدخل في قولنا مؤمناً به كل مكلف من الجن والإنس فحينئذ يتعين ذكر من حفظ ذكره من الجن الذين آمنوا به بالشرط المذكور؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- مرسل إليهم، مرسل إلى الجن أيضاً، وأما إنكار ابن الأثير على أبي موسى تخريجه لبعض الجن الذين عرفوا في كتابه الصحابة فليس بمنكر لما ذكرته".