ونحن نجد في ترجمة الراوي الواحد أربعة اجتمعوا على تضعيف راوي وعشرة اجتمعوا على توثيقه ونحكم عليه بأنه ثقة؟ فأربعة اجتمعوا على تضعيفه وهو ثقة، نقول: إذا لم يوجد في هذا الراوي إلا قولين فقط فلا يمكن أن يجتمع هذان الإمامان على توثيق ضعيف أو على تضعيف ثقة، أما إذا وجد في الراوي عشرين قول فقد يجتمع خمسة ستة على تضعيفه والباقون على توثيقه أو العكس، وهو إما ثقة أو ضعيف، واجتمع فيه أكثر من قولين، فنفهم كلام الحافظ الذهبي -رحمه الله-.
ولهذا كان النسائي من مذهبه أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه، ثم قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل" وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل، "فإنه إن عدل أحداً بغير تثبت كان كالمثبت حكماً ليس بثابت فيخشى عليه أن يدخل في زمرة ((من روى حديثاً وهو يظن أنه كذب)) وإن جرح بغير تحرز أقدم على الطعن في مسلم بريء من ذلك ووسمه بميسم سوء يبقى عليه عاره أبداً" نعم في مثل هذا لا يرد الاحتياط، لا تقول: أحتاط للسنة وأضعف هذا الراوي فلا أثبت إلا ما أتأكد منه، لا، لأنك إن احتطت من جهة التضعيف فوّت على الأمة العمل بأحاديث تأتي من هذا الرواي، وإن احتطت لتوثيقه وقلت: كون الأمة تعمل بهذه الأحاديث خير من أن تفرط بها جعلت الناس يعملون بأدلة لا يثبت بها شرع، فالاحتياط في مثل هذا لا يرد، والآفة تدخل في هذا تارة من الهوى والغرض الفاسد -وكلام المتقدمين سالم من هذا غالباً– وتارة من المخالفة في العقائد وهو موجود كثيراً قديماً وحديثاً، ولا ينبغي إطلاق الجرح بذلك، فقد قدمنا تحقيق الحال في العمل برواية المبتدعة، وليتقِ الله -سبحانه وتعالى- من يتصدى لنقد الرجال في أعراض المسلمين فإنها كما قال ابن دقيق العيد -رحمه الله تعالى يعني أعراض المسلمين- حفرة من حفر النار وقف على شفيرها العلماء والحكام، وقف على شفيرها العلماء والحكام.