والجرح مقدم على التعديل كما قال الحافظ:"والجرح مقدم على التعديل إن صدر من عارف بأسبابه"، الجرح مقدم على التعديل إن صدر من عارف بأسبابه "فإن خلا عن تعديل قبل مجملاً على المختار"، إذا وجد في الراوي جرح وتعديل قال ابن معين: ثقة، وقال أحمد: ضعيف، والتضعيف والتجريح صدر من عارف بالأسباب وهو أحمد إذاً يقدم الجرح على التعديل، فإذا وجد في الراوي جرح وتعديل فقد قال ابن الصلاح:"الجرح مقدم على التعديل؛ لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله، والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل، المعدل ينظر إلى الظاهر فيحكم عليه بمجرد ما ظهر له، والجارح يحكم من خلال شيء خفي على المعدل، إذا قال المعدل: هذا الرجل ثقة عدل يصلي يصوم يزكي، يبر والديه، إلى آخر الواجبات، ولا أعرفه ارتكب شيئاً من المحرمات، إذاً هو عدل، يقول الجارح: صدقت في كل ما تقول، يصلي ويصوم ويزكي، ويبر والديه، ويحج، ويفعل الواجبات كلها، ويجتنب المنكرات والموبقات إلا شيء واحد أنا اطلعت عليه يشرب الخمر مثلاً، فيكون هذا الجارح عنده زيادة علم خفيت على المعدل، ولذا قدموا الجرح، فإن كان عدد المعدلين أكثر، جرحه واحد وعدله خمسة ستة، فقد قيل: التعديل أولى، والصحيح والذي عليه الجمهور أن الجرح أولى لما ذكرنا؛ لأن الذي يخفى على الواحد يخفى على الخمسة، فيكون قبول قول الجارح أولى، وهذا قول الأكثر، قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وقدّموا الجرح لكن إن ظهر ... من عدّل الأكثر فهو المعتبر
قال الحافظ: "أطلق جماعة تقديم الجرح على التعديل ولكن محل ذلك إن صدر مبيناً" يعني مفسر، مجروح بكذا، "من عارف بأسبابه؛ لأنه إن كان غير مفسر لم يقدح فيمن ثبتت عدالته، وإن صدر من غير عارف بالأسباب لم يعتبر به أيضاً، فإن خلا المجروح عن تعديل قبل الجرح فيه مجملاً، غير مبين السبب إن صدر من عارف على المختار؛ لأنه إذا لم يكن فيه تعديل فهو في حيز المجهول وإعمال قول المجرح أولى من إهماله" ومال ابن الصلاح في مثل هذا إلى التوقف.