المسائل على اختلاف أنواعها يرجع فيها إلى أربابها وأصحابها، فمسائل الاعتقاد يرجع فيها إلى كتب العقيدة، مسائل الفقه يرجع فيها إلى كتب الفقه، المسائل الحديثية قواعد الحديث يرجع فيها إلى كتب أهل الفن، وكل فن .. ، المسائل الأصولية كذلك، المسائل النحوية يرجع فيها إلى كتب النحو، المفردات الغريبة، الكلمات اللغوية يرجع فيها إلى كتب اللغة وهكذا، هذا الأصل، فإذا أردت أن تبحث مسألة -حكم شرعي- ترجع إلى كتب الفقه، فإن أردت مذهب الحنابلة ترجع إلى كتب الحنابلة، ولا تكتفي بنقل غيرهم عنهم؛ لأن الشخص الذي ليس من أهل المذهب لا يدرك التفاضل بين الروايات داخل المذهب، كل مذهب فيه روايات، رواية من هذه الروايات معتمدة عند أهل هذا المذهب، يأتيك صاحب المذهب الثاني فيأخذ أي رواية في المذهب كما هو الشأن فيما ينسب مثلاً إلى الإمام أحمد في فتح الباري أو عمدة القاري أو غيرهما، لكن إذا كان الشارح -شارح الحديث- أو المفسر من أهل ذلك المذهب وله معرفة بفقه هذا المذهب فمثلاً فتح الباري شافعي، ووجدته نسب إلى الشافعي قولاً لا مانع من أن تأخذه من فتح الباري، ولا يلزمك أن ترجع إلى المجموع أو غيره من كتب الشافعية، لماذا؟ لأن الحافظ فقيه شافعي، تأخذ من عمدة القاري قول الحنفية؛ لأنه فقيه حنفي، لكن ما تأخذ من عمدة القاري ما ينسب إلى مذهب الإمام أحمد، أو من فتح الباري ما ينسب إلى أبي حنيفة، ترجع في كل مسألة إلى أهلها وهكذا، فبإمكانك أن تأخذ الفقه الحنفي من عمدة القاري لكن ما تأخذ من فتح الباري، لماذا؟ لأن العيني من فقهاء الحنفية، تأخذ الفقه المالكي من الاستذكار لابن عبد البر لماذا؟ لأنه فقه مالكي، لكن يبقى أن الأصل أن يؤخذ كل فن من كتبه، ما يتعلق بكل فن من كتبه هذا الأصل، كثيراً ما ينسب إلى الإمام أحمد في شروح الأحاديث وفي كتب التفسير وغيرها أقوال مرجوحة في المذهب لماذا؟ لأن الذي نسب إليه ليس على دراية تامة برواية المذهب والمرجح منها، والمذهب عند أصحابه ينتقى من هذه الروايات