أولاً: أصحاب القول الأول والثاني والثالث كلهم يتفقون على أن العمل بخبر الواحد واجب، يجب العمل بخبر الواحد، أصحاب القول الأول يقولون: وإن كان لا يفيد إلا الظن إلا أنه يجب العمل به في جميع أبواب الدين، في العقائد، في العبادات، في المعاملات، في الأنكحة، في الجنايات، في جميع أبواب الدين، يجب العمل به خبر الواحد وإن كان لا يفيد إلا الظن، أصحاب القول الثاني يقولون: كيف نعمل بحديث: لا يغني من الحق شيئاً ونقول: إنه يفيد الظن؟ إذاً خبر الواحد إذا صح يفيد العلم، ويجب العمل به، أولئك يقولون: يفيد الظن ويجب العمل به، أقول: لعله مما يحتج به لهؤلاء وجوب العمل به والعمل ملازم للعلم.
القول الثالث: أنه يوجب العلم ويقطع به إذا احتفت به قرائن، هذا الذي أشار إليه الحافظ بقوله:"وقد يقع فيها ما يفيد العلم النظري بالقرائن"، يوجب العلم ويقطع به إذا احتفت به قرائن، كيف؟ هذا فرع من القول الأول، هو في أصله لا يفيد إلا الظن، وعرفنا أنه يفيد الظن لأن النسبة ما بلغت مائة بالمائة، وصلت تسعين خمسة وتسعين تسعة وتسعين بالمائة، ثم جاءت هذه القرينة التي احتفت بهذا الخبر فصارت في مقابل ما نزل من نسبة المائة بالمائة، أما إذا قلنا: خبر مالك نعم تسعة وتسعين أو ثمان وتسعين الاحتمال واحد بالمائة، هذه القرينة تقاوم هذا الواحد بالمائة، فخبر مالك الآن أفادنا مائة بالمائة؛ لأنه احتفت به قرينة، ومثله غيره من الثقات، إذا احتفت بأخبارهم قرائن أفادت العلم.
من القرائن: كون الحديث مشهور بحيث تكون له طرق متباينة، سالم من ضعف الرواة والعلل كون الحديث مسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين، وذلك بأن يكون رجال إسناده الأئمة كالحديث الذي يرويه الإمام أحمد عن الشافعي عن مالك مثل هذا إذا تتابع مثل هؤلاء الأئمة على روايته، هل يكون هناك مجال لاحتمال الخطأ؟ لا احتمال لمجال الخطأ، لماذا؟ لأنه لو أخطأ مالك ما وافقه الشافعي على روايته، ولو أخطأ الشافعي ما وافقه أحمد على روايته، إذاً هذه قرينة تجعلنا نجزم بثبوت الخبر، ولا يوجد احتمال النقيض عندنا.