من القرائن: أن يكون الحديث مما خرجه الشيخين في صحيحيهما لجلالتهما وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما ولتلقي الأمة بالقبول لكتابيهما، هذه قرينة كون الحديث مخرج في الصحيحين أو في أحدهما، الصحيحان كتابان هما أصح الكتب بعد القرآن، الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول، حتى قال بعضهم: لو حلف أحد بالطلاق أن جميع ما في الصحيحين صحيح ما حنث، نعم، إذا اتفق الشيخان على تخريج الحديث فلا مجال لأحد في الكلام فيه والطعن فيه، إذا أخرج البخاري حديث كذلك مسلم حديث لا مجال لأحد، وقد استثنى أهل العلم أحاديث يسيرة تكلم عليها بعض الحفاظ، حصل فيها بعض الكلام لأهل العلم سواءً كانت في متونها أو في أسانيدها، المقصود أن مثل هذه الأحاديث وعددها يسير لا مانع أن تخرج من كونها مفيدة للقطع مع أن الغالب أن الإصابة مع البخاري ومسلم في هذه الأحاديث، لكن الأحاديث التي لم يتكلم عليها أحد مقطوع بصحتها، وتخريج الشيخين قرينة على ثبوت الخبر.
طيب، الآن ما الراجح من هذه الأقوال؟ هل نستطيع أن نقول: إن خبر الواحد مطلقاً يفيد العلم؟ يعني كل من أخبرك بخبر وهو ثقة عندك تجزم بأن خبره صحيح، تبرأه من الخطأ؟ لا، إذاً لا بد أن تنزل هذه النسبة وهو الظن، فأرجح الأقوال ما اختاره ابن حجر من أن خبر الواحد إذا احتفت به قرينة أفاد العلم وإلا فلا، يعني خبر الواحد في أصله يفيد الظن لكن إذا احتفت به قرينة أفاد العلم، وهذا القول رجحه ابن القيم، وأطال في تقريره في الصواعق المرسلة وممن صرح بهذا القول الغزالي في المنخول، والرازي في المحصول، والآمدي وابن الحاجب، ونقله السفاريني في لوامع الأنوار عن الموفق وابن حمدان والطوفي، وقال المرداوي في شرح التحرير:"وهذا أظهر وأصح"، سبب ترجيح هذا القول: أن القرينة التي احتفت بالخبر تكون في مقابل الاحتمال الذي أبداه أصحاب القول الأول، نعم.
أقسام الغريب:
"ثم الغرابة: إما أن تكون في أصل السند، أو لا: فالأول: الفرد المطلق، والثاني: الفرد النسبي، ويقل إطلاق الفردية عليه.