للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ} أي لخروجهم عن الجماعة إن علمت لهم عذراً {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا} يريد: يصيح من بعيد: يا أبا القاسم، بل عظموه كما قال في الحجرات: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ} [(٣) سورة الحجرات] .. الآية، وقال سعيد بن جبير ومجاهد: المعنى قولوا: يا رسول الله في رفق ولين، ولا تقولوا: يا محمد بتجهّم، وقال قتادة: أمرهم أن يشرفوه ويفخموه، وقال ابن عباس: لا تتعرضوا لدعاء الرسول عليكم بإسخاطه فإن دعوته موجبة.

{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا} التسلل والانسلال: الخروج، واللواذ من الملاوذة وهي أن تستتر بشيء مخافة من يراك، فكان المنافقون يتسللون عن صلاة الجمعة، {لِوَاذًا} مصدر في موضع الحال أي: متلاوذين، أي يلوذ بعضهم ببعض ينضم إليه استتاراً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لم يكن على المنافقين أثقل من يوم الجمعة وحضور الخطبة، حكاه النقاش، وقد مضى القول فيه، وقيل: كانوا يتسللون في الجهاد رجوعاً عنه، يلوذ بعضهم ببعض، وقال الحسن: {لِوَاذًا} فراراً من الجهاد، ومنه قول حسان:

وقريش تجول منا لواذاً ... لم تحافظ وخف منها الحلوم

وصحّت واوها لتحركها في لاوذ يقال: لاوذ يلاوذ ملاوذة ولواذاً، ولاذ يلوذ لوذاً ولياذاً انقلبت الواو ياءً؛ لانكسار ما قبلها اتباعاً للاذ في الاعتلال، فإذا كان مصدر: فاعَلَ لم يعل؛ لأن فاعَلَ لا يجوز أن يعل.

يعني لاوذ لا يجوز أن يعل، ولاذ يعل.

قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} بهذه الآية احتج الفقهاء على أن الأمر على الوجوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>