يؤم القوم أو يصلي بهم أقرؤهم لكتاب الله، ويختلف العلماء في المراد بالأقرأ هو الأجود قراءة، وإن كان أقل حفظاً، أو الأكثر حفظاً وإن كان أقل في مستوى القراءة، على أنهم يتفقون على أنه لو كان يحفظ القرآن كاملاً ويلحن فيه ولا يقيم حروفه إلا بصعوبة فإن غيره أولى منه، وإن كان أقل منه محفوظ، فالمراد بالأقرأ هو الأجود قراءة؛ لماذا؟ لأن الذي يقرأ القرآن وهو ماهر فيه مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران، ومعلوم أن الأول أفضل من الثاني، فهو أولى بالإمامة، وأيضاً القراءة ما الحكمة من الجهر بالقراءة؟ ليسمع من خلفه، وليتعلم من وراءه، فإذا كان الأجود هو الإمام تحققت الحكمة في تعلم من وراءه، أما إذا كان ولو كان أكثر حفظاً أقل تجويد للقراءة وأقل ضبط وإتقان، فإنه لا تتحقق به الحكمة، وإن كان يحفظ كثيراً؛ لأن الذي يسمع من الذي يقرأ القرآن على الوجه المأمور به هو الذي ينتفع، أما إذا كان يسمع القرآن ممن لا يقيمه أو يقرؤه على غير الوجه المأمور به من هذٍ ونحوه، فإنه تكون الفائدة منه قليلة للقارئ والمستمع، فالأجود قراءة هو الذي يؤم الناس، وإن كانوا في الجودة سواء قدم الأكثر حفظاً، ولا يعني هذا أن من يسمع يظن أن هذا الكلام يدل على التهوين من شأن الحفظ، لا، الحفظ مهم، لكن إذا كان الإنسان بين أن يحفظ أكثر أو يتقن أكثر، فإن طريقة الصحابة -رضوان الله عليهم- أنهم في تعلمهم القرآن لا يتجاوزون العشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من علم وعمل، هذه طريقة الصحابة، يمكثون السنين في تعلم القرآن؛ لتتم الفائدة الكاملة من القرآن على الوجه المطلوب.