شرح قوله:"يأتي بالطهارة عضواً بعد عضوٍ كما أمر الله -عز وجل .... "
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- بعد أن أنهى الكلام عن الفروض الأربعة التي جاءت في كتاب الله -عز وجل-، وهي متفق عليها بين أهل العلم في الجملة، وليست بمحل خلاف، وترك واحد منها يجعل الطهارة ناقصة بالاتفاق.
بقي من فروض الطهارة ما يفهم من النصوص، وما جاء فيه مما يدل عليه من السنة، يفهم من القرآن، ويفهم أيضاً من السنة، وليس بمنصوص كالترتيب مثلاً والموالاة، فالترتيب يقول المؤلف -رحمه الله-:
"يأتي بالطهارة عضواً بعد عضوٍ كما أمر الله -عز وجل-" يبدأ بغسل الوجه {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(٦) سورة المائدة] ثم يثني بغسل اليدين {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} ثم يثلث بمسح الرأس، ثم يختم بغسل رجليه على هذا الترتيب الذي جاء في القرآن، وقد يقول قائل -وقد قيل-: إن هذه الأعضاء الأربعة نسقت في القرآن بحرف الواو التي لا تقتضي الترتيب، وهذه حجة من يقول: إن الترتيب ليس بواجب ولا فرض، الواو لا تقتضي الترتيب، فيجاب عنه من قبل من يرى أن الترتيب فرض ولا يصح الوضوء إلا مرتباً بأن هذه الأعضاء وإن نسقت على بعضها بالواو التي هي في الأصل لا تقتضي الترتيب إلا أن الأسلوب القرآني يدل على ذلك؛ لأن العادة في لغة العرب جرت بأن المتماثلات والنظائر يعطف بعضها على بعض، فإن فصل وقطع النظير عن نظيره لا بد أن يكون من وراء ذلك حكمة، وهنا قطع النظير عن نظيره، ففصل بين غسل الرجلين وغسل اليدين بمسح الرأس، وهذا الأسلوب الذي فيه إدخال الممسوح بين المغسولات، وقطع النظير عن نظيره من المغسولات، لا شك أن هذا لحكمة، والحكمة هنا هي الترتيب.