شرح قوله:"باب فرض الطهارة، وفرض الطهارة ماء طاهر" ....
الشيخ: عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مسألة: إزالة النجاسة الخارجة من المخرج الذي هو السبيل من بول أو غائط، وهل يشترط إزالتها قبل الوضوء والتيمم، أو يجوز سائر النجاسات على سائر البدن؟ مسألة ذكرناها في الدرس الماضي، وأن المقرر عند الحنابلة أنه لا يصح قبل الاستنجاء والاستجمار وضوء ولا تيمم.
وبعض الإخوان كتب في هذه المسألة فيقول: هذه المسألة تقديم الوضوء على إزالة النجاسة على أحد السبيلين قال في الفروع: ولا يصح تقديم الوضوء عليه، اختاره الأكثر، وعنه يصح، وكذا التيمم، وفي الشرح الكبير: إن توضأ قبل الاستنجاء لا يصح؛ لأنها طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الاستنجاء عليها كالتيمم، والثانية: يصح، وهي أصح، الثانية يصح في الشرح الكبير، وهذا كلام صاحب المغني بحروفه، وهي مذهب الشافعي؛ لأن إزالة نجاسة فلم تشترط لصحة الطهارة كالتي على غير الفرج، فالنتيجة أن القول بصحة الطهارة قبل إزالة الخارج هو قول الجمهور، والقول بعدم صحتها رواية عند الحنابلة، قال في الإنصاف: إنها المذهب، وعليها جمهور الأصحاب.
وهذا آخر يقول: قوله: ولا يصح قبله أي قبل الاستنجاء بماء أو حجر ونحوه وضوء ولا تيمم لحديث المقداد المتفق عليه ((يغسل ذكره ثم يتوضأ)) ولو كانت النجاسة على غير السبيلين أو عليهما غير خارجة منهما صح الوضوء والتيمم قبل زوالها.
قال ابن قاسم في حاشيته: وهذا لفظ النسائي، قال الحافظ: منقطع، ولفظ مسلم:((يغسل ذكره ويتوضأ)) ولأبي داود نحوه، والواو لا تقتضي الترتيب، بل لمطلق الجمع على المشهور، قال النووي: والسنة أن يستنجي قبل الوضوء ليخرج به من الخلاف، ويأمن انتقاض طهره.
قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: الصحيح ما قالوه أنه لا يصح قبل الاستنجاء أو الاستجمار وضوء ولا تيمم للعالم والجاهل والناسي؛ لأن تقديم الاستنجاء لصحة الوضوء -كأنه شرط لصحة الوضوء- هذا من فتاوى ابن سعدي -رحمه الله-.