للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة يقول هذا: حكم الوضوء قبل الاستنجاء في هذه المسألة قولان للعلماء: الأول: عدم صحة الوضوء قبل الاستنجاء، وهي رواية عند الحنابلة واختارها الأكثر، ومنهم المجد ابن تيمية كما في المنتقى، واقتصر عليها صاحب الكشاف، واستدلوا بحديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "كنت رجلاً مذاءاً، وكنت أستحي أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته، فأمرت المقداد ابن الأسود فسأله فقال: ((يغسل ذكره ويتوضأ)) متفق عليه، ورواه النسائي بلفظ: ((يغسل ذكره ثم يتوضأ)) قال الحافظ: منقطع، واستدلوا بأن هذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- الدائم.

القول الثاني: يصح تقديم الوضوء على الاستنجاء مع استحباب تقدم الاستنجاء، وهذا قول الحنفية والشافعية والمالكية والرواية الثانية عند الحنابلة، واختاره الموفق، وقال: هذه الرواية أصح، وصاحب الشرح الكبير، فهؤلاء يرون أن الاستنجاء سنة من سنة الوضوء قبله، فلو أخره جاز وفاتته السنية؛ لأنه إزالة النجاسة بما لم تشترط لصحة الطهارة كما لو كانت على غير فرج، غير أن المالكية صرحوا بأنه لا يعد من سنن الوضوء، وإن استحبوا تقديمه عليه، واستدل هؤلاء القائلون بجواز تقديم الوضوء بحديث علي بن أبي طالب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((توضأ وانضح فرجك)) وللبخاري: ((توضأ واغسل ذكرك)) قال النووي: السنة أن يستنجي قبل الوضوء ليخرج من الخلاف وليأمن انتقاض طهره.

وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: وهذه المسألة إذا كان في حال السعة فإننا نأمره أولاً بالاستنجاء ثم بالوضوء، لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما إذا نسي أو كان جاهلاً فإنه لا يجسر الإنسان على إبطال صلاته، أو أمره بإعادة الوضوء والصلاة.