الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فما زال الكلام في باب استقبال القبلة، وهو شرط من شروط الصلاة، ثبت بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، ومضى الحديث في الصلاة إلى جهة غير القبلة، أو إلى غير جهة القبلة في حالتين:
في حالة صلاة الخوف إذا كان العدو إلى غير جهة القبلة، والثانية: في حال التنفل في السفر على الراحلة.
ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"ولا يصلي على" هكذا عندنا في الطبعة الأولى، وفي نسخ:"في غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نفلاً" التطوع في السفر على الراحلة معروف أنه خاص بالنافلة، والسفر وصف لا شك أنه مؤثر، ولذا يمنع أكثر أهل العلم التطوع على الراحلة في الحضر، ويُذكر عن بعض السلف قول قل من قال به أنهم يتطوعون بالحضر، وهذا مناسب لمثل أوقاتنا التي تقضى فيها الأوقات الطويلة على السيارات، وبعض المشاوير كما يقولون: يأخذ ساعة في بعض البلدان، نعم قد يستغل الوقت بتلاوة أو ذكر، لكن التنوع في العبادات أمر مطلوب شرعاً، ومن نعم الله -جل وعلا- على المسلمين أن نوع عندهم العبادات، وأحياناً قد يحتاج إلى أن يتطوع على الراحلة في النوافل المقيدة التي تفوت بفوات وقتها، ولا يستطيع أن يصلي النافلة إلا على الراحلة، فلو قدر أن مريضاً تنتهي الزيارة بمسافة الطريق وشيء يسير بحيث يتمكن من الزيارة قبل خروج الوقت، فهل نقول: صل النافلة على الوجه الأكمل ولو فاتت الزيارة، أو نقول: أدرك الزيارة ولو فاتت الراتبة؟ أو نقول: صل الراتبة على الراحلة، واجمع بين هذه الأمور، وصلاة النافلة على الراحلة له أصل؟ أما كونها نافلة لا شك أنه وصف مؤثر في الحكم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يفعل ذلك في الفريضة، في المكتوبة، هذا وصف مؤثر.