الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المصنف -رحمه الله تعالى-: "ومن صلى خلف الصف وحده" يعني منفرداً، وهذه حال، وإن كانت مضافة، تعريفها لفظي، مؤولة بنكرة، يعني منفرداً "من صلى خلف الصف" خلف منصوب على الظرفية، والصف مضاف إليه، ووحده حال، صلى خلف الصف حال كونه منفرداً "أو قام بجنب الإمام عن يساره أعاد الصلاة" أما الصلاة خلف الصف فجاء فيها حديث وابصة بن معبد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما انصرف من صلاته رأى رجلاً خلف الصف منفرداً فقال:((لا صلاة لفذ -أو لمنفرد- خلف الصف)) وقال الإمام أحمد: هذا حديث حسن.
المقصود أن من صلى خلف الصف صلاته ليست بصحيحة باطلة، عملاً بهذا الحديث، ودلالته صريحة على المطلوب.
كثير من أهل العلم يرى أن الصلاة صحيحة، ومنهم من يرى أنه يعني صحيحة مطلقاً، ومنهم من يرى أنه إذا استفرغ وسعه وبذل جهده في البحث عن مكان يصاف فيه من يصاف من المأمومين أو الإمام وإلا حينئذٍ تكون صلاته صحيحة للحاجة، لكن لا اجتهاد مع النص، ما دام النص ثابت فلا كلام لأحد، لا تصح الصلاة خلف الصف، فإذا لم يجد من يصافه إن استطاع أن يصف عن يمين الإمام بها ونعمت، إن وجد في الصف فرجة فهو أولى وأكمل، إن لم يجد قال بعضهم: يجتذب من الصف من يصلي معه، لكن حديث الاختلاج ضعيف، وهو اعتداء على المصلي، وتشويش عليه فلا ينبغي.
نعم إن رجع أحد بطوعه واختياره ليتصدق عليه فيصف معه هذا مأجور -إن شاء الله-، ولا يقال: إنه أوجد فرجة في الصف أو تأخر من الفاضل إلى المفضول، وذلك لتحصيل مصلحة صحة صلاة هذا الذي لم يجد من يصف معه، هذا إذا صف خلف الصف، ثم بعد ذلك جاء من يصافه قبل الركوع أو في أثناء الركوع هذا لا إشكال فيه؛ لأنه أدرك معه الركعة، وصلاته حينئذٍ صحيحة، أما إذا رفع الإمام من الركوع فلا يعتد بهذه الركعة التي صلاها خلف الصف.