الباب سبق الكلام فيه في الذي قبله، وأنه في الأصل موضوع لما يدخل منه ويخرج معه، يعني في المحسوسات، هذا الأصل في الباب، ومنهم من يقصر الحقيقة على المحسوس، ويجعل استعماله في غيره من المجاز، ومن يقول بالمجاز ما عنده إشكال في مثل هذا، لكن الذي لا يرى المجاز، ولا شك أن استعمال الباب عند أهل العلم اصطلاح وعرف خاص، فهي حقيقة عرفية، لا نحتاج إلى أن نقول: مجاز، وعندنا الحقائق ثلاث: لغوية وشرعة وعرفية، هذا حقيقة عرفية، تعارف أهل العلم عليها، وتتابعوا عليها، وجعلوها لما يضم فصول ومسائل علمية.
الآنية، باب كما يقولون: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا باب، وبعضهم يرى جواز النصب مقدراً اقرأ باب الآنية، وباب مضاف، والآنية مضاف إليه، والآنية: جمع إناء، وجمع الجمع أواني، والأواني جمع الآنية التي هي جمع إناء، حقيقتها اللغوية والشرعية والعرفية متفقة، الآنية هي الأوعية، جمع إناء، والأوعية جمع وعاء، تتفق فيها الحقائق الثلاث.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" جلد الميتة إدخاله في باب الآنية أولاً استعمالاته أكثر من كونه إناء، فيستعمل إناء، ويستعمل فراش، ويستعمل ملبوس، له استعمالات كثيرة، لكن الحاجة إلى كونه إناء عند من تقدم أكثر من حاجة كونه فراش أو لباس "كل جلد ميتة" كل من صيغ العموم، "كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" يدخل في هذا العموم "كل جلد ميتة" المراد بالميتة ما مات حتف أنفه من غير تذكية، أو كان مما لا تنفعه أو تفيد فيه التذكية، أو كان المذكي لا تنفع تذكيته، فإذا مات مأكول اللحم خرجت روحه، وفارقت جسده حتف أنفه صار ميتة، إذا ذبح الكلب ذكي الكلب، أو ما لا يؤكل صار ميتة، إذا ذكى المجوسي أو الوثني غير المسلم وغير الكتابي ذكى بهيمة الأنعام فهي ميتة.