الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
[باب: صلاة المسافر]
تفرد بترجمة وبكلام لأنها تختلف عن صلاة المقيم، فالسفر مظنة المشقة التي حصل بسببها هذا التخفيف من الرخص، القصر، والجمع، والفطر، والمسح، والصلاة على الراحلة النافلة، وغير ذلك مما جاءت به النصوص، وهنا يُذكر ما يختص بالصلاة، ولا يستوعب أيضاً، إنما يذكر فيه القصر والجمع، لا يستوعب كل ما يتصل بالصلاة يذكر في هذا الباب ما يختص بالقصر والجمع فقط؛ لأنهما أظهر أنواع الترخص، وإلا فالمسافر له رخص، وتقدم في التيمم أن من الرخص للمسافر عند بعضهم التيمم، ولو كان واجداً للماء، جعلوه من الأعذار التي تبيح التيمم {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [(٤٣) سورة النساء] وجعلوا القيد خاص بالحدث ولا يتناول المسافر، وذكرنا في وقتها أن القيد المتعقب لجمل هل يتناول الجملة الأخيرة فقط، أو الجمل كلها؟ والخلاف في ذلك بين أهل العلم معروف، الوصف المؤثر من قيد، أو تخصيص بما في ذلك الاستثناء مثل ما جاء في الاستثناء بالنسبة للقاذف {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(٤ - ٥) سورة النور] الإجماع قائم على أن الاستثناء يلحق الجملة الأخيرة، وأنه يرفع الفسق، كما أنه لا يتناول الجملة الأولى فلا يسقط الحد، والخلاف في الثانية، هل تقبل شهادته مع ذكر التأبيد أو لا تقبل؟ هذا محل الخلاف، وهنا وإن كان الخلاف ضعيفاً بالنسبة للمسافر، وأنه يتيمم ولو كان واجداً للماء إلا أنه مذكور في كتب الخلاف، مذكور في كتب الخلاف، شهره من المتأخرين الشوكاني وصديق، ومن يتفقه على طريقتهما.