للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه النصوص التي تمسك بها جمهور أهل العلم في التحديد على خلاف بينهم في المقدار، هم تمسكوا بأحاديث صحيحة لكنها ليست صريحة ونص في الباب، يعني ليست دلالتها أصلية، إنما دلالتها فرعية على المسألة، نعم فيها ذكر السفر، لكن هل فيها ما ينفي ما فوق هذا المقدار أو دونه؟ في أسفاره -عليه الصلاة والسلام- سافر إلى مسافات وقصر الصلاة بذي الحليفة، وهي ستة أميال عن المدينة، والنصوص نصوص الكتاب والسنة كلها مطلقة تجعل الوصف المؤثر في الترخص هو السفر، وليس فيها ما يدل على التحديد إلا ما جاء عن الصحابة -رضوان الله عليهم- كابن عباس وابن عمر وغيرهم، فهل تنهض هذه الأدلة من النصوص المرفوعة الصحيحة غير الصريحة التي لم تسق لهذه المسألة، أو الاعتماد على قول الصحابة مع مخالفة غيرهم لهم أو لا تنهض؟

النصوص مطلقة، مما جعل جمعاً من المحققين يرون أن الأصح الإطلاق، فكل ما يعد سفراً في العرف يكون مؤثراً في الترخص، وهذا القول لا شك أن له حظ كبير من النظر، لولا ما يترتب عليه؛ لأن النظر إلى الأعراف وهذه مسألة لا يستقل بها من يقدر النظر في هذه المسائل، وإنما هي مطلوبة من المسلمين عموماً منهم من يقدر النظر ونظره صحيح، ومنهم من نظره ليس بصحيح، ولو ترك التقدير للمسلمين عموماً على اختلاف مستوياتهم لحصل الخلل الكبير، كما هو الواقع، مما جعل بعض المحققين أو فريقاً من المحققين يرجح قول الجمهور، ويحدد المسافة والمدة حفاظاً على هذه الشعيرة العظيمة، وأن القول بالإطلاق وعدم التحديد جر بعض الناس إلى تضييع هذه الشعيرة وغيرها مما يترخص به، شيخ الإسلام يقول بالإطلاق، تلميذه ابن القيم وابن قدامه صاحب المغني ويفتي به من .. ، يفتي من المعاصرين .. ، وكان الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- يفتي به، لكنه لما رأى ما يترتب عليه من عموم الناس من تضييع لهذه الشعيرة تجد أحدهم يخرج عن البلد ميل واحد، كما يقول الظاهرية ويقصر ويفطر، نعم القيد المعروف عند أهل العلم أن من سافر ليترخص لا يجوز له ذلك.