للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم المراد به الفعل، وإن كان يطلق ويراد به العود الذي يستاك به، ما الفرق بين قولنا: إنه يطلق على الفعل أو يطلق على العود هنا؟ أنك بمجرد اقتناء السواك إذا قلنا إطلاقه على العود سنة مجرد اقتنائه، وإذا وضعت في جيبك اثنين أو ثلاثة أو خمسة حزت على خمس سنن، لكن المراد به هنا فعل المكلف، وهو الاستياك الذي هو دلك الفم واللسان والأسنان بهذا العود اللين الرطب، وهل يقوم مقام العود ما ينظف الفم كالفرشاة مثلاً، والأصبع الخشنة، والخرقة، والمنديل وغير ذلك؟ منهم من يقول: لا، لا يقوم مقامه شيء، ومنهم من يقول: العلة معقولة، والمراد والحكمة من تشريعه إزالة ما علق بالفم والأسنان من أبخرة تتصاعد من المعدة، أو شيء يدخل من خارج الفم إليه، فيزال، فإذا أزيل حصلت السنة، ولا شك أن إزالة ما علق بالفم والأسنان من هذه الأوساخ بالعود أكمل بلا شك، وأفضل الأعواد ما يتخذ من الأراك؛ لأنه لا مضرة فيه ألبتة، ويكرهون بعض الأنواع من الأعواد للضرر الناتج عنها.

"والسواك سنة"

يقول: "باب السواك، وسنة الوضوء" سنة وهي مفرد مضاف تشمل جميع السنن، المفرد المضاف يعم، فيعم جميع السنن.

قال -رحمه الله-:

"والسواك سنة" سنة لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) الأمر حاصل، والأمر المنفي هنا -الممتنع هنا- لوجود المشقة؛ لأن لولا حرف امتناع لوجود، امتناع الأمر بالسواك لوجود المشقة، والأمر الممتنع هنا هو أمر الوجوب لا أمر الاستحباب؛ لأنه جاء الحث عليه في نصوص كثيرة جداً، فعلى هذا السواك سنة عند جماهير أهل العلم، ومنهم من يرى وجوب السواك، وهذا ينسب لإسحاق، وأيضاً داود الظاهري، والحديث الذي ذكرناه سواءً كان عند كل وضوء أو عند كل صلاة صريح في عدم وجوبه؛ لارتفاع الأمر به، والأمر المرتفع هنا هو أمر الوجوب لا أمر الاستحباب؛ لثبوته في نصوص كثيرة.