للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا، هو عندنا نص في المسألة: ((بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) فهل نقول: إن المضمضة مثل الاستنشاق، وهو الذي يظهر من كلام المؤلف إذا قلنا: إن الاستثناء يعود إلى الأمرين، وإذا قلنا: إن الاستثناء يعود إلى الأخير فقط انتهى الإشكال عند أهل العلم المسألة خلافية، فيها خلاف كبير، الاستثناء المتعقب لجملة أو لوصف هل يعود إلى الجميع أو إلى الأخير؟ يعني من أوضح ما يمثل به قوله -جل وعلا- في القاذف: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(٥) سورة النور] عندنا ثلاث جمل {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(٥) سورة النور] هذا الاستثناء تعقب ثلاث جمل، كونه يعود إلى الأخيرة، هذا محل إجماع أن الفسق يرتفع إذا جلد الحد، لكن هل تقبل شهادته أو لا تقبل؟ مع قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(٤) سورة النور] تقبل وإلا لا تقبل؟ بعضهم يقول: إن التنصيص على التأبيد يدل على أنها لا تقبل، والاستثناء راجع إلى الجملة الأخيرة فقط، ومنهم من يقول: إن رد الشهادة مبني على الفسق وقد ارتفع، فما المانع من قبول شهادته؟ ولذا يتفقون على ارتفاع الفسق، ويختلفون في قبول الشهادة، ويتفقون على الجلد ثمانين جلدة، يعني الجلد ثمانين جلدة لا بد أن يجلد ثمانين جلدة ولو تاب، لماذا؟ لأن هذه حقوق العباد لا تسقط بالتوبة، فكونه لا يعود إليه مأخوذ من نصوص أخرى، والاتفاق أيضاً على أن الاستثناء يعود إلى ارتفاع الفسق إلى الفسق فيرتفع هذا ما فيه خلاف، الخلاف في الجملة الثانية التي هي مسألة قبول الشهادة، فمن نظر إلى التأبيد قال: لا يعود الاستثناء إليها، ومن نظر إلى أن رد الشهادة مبني على الاتصاف بالفسق وقد ارتفع إذاً يرتفع ما بني عليه، وأهل العلم ينظرون لمثل هذه الأمور بدقة، حتى قال بعضهم: إنه لا يحكم بالحكم المطرد، ما نحكم دائماً أنه يعود إلى الجميع، أو إلى الأخيرة فقط، إنما ينظر في كل استثناء على حدة،