قال الشيخ تقي الدين شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في شرح العمدة: "السنة أن يستنجي قبل الوضوء، فإن أخره إلى بعده أجزأه في إحدى الروايتين؛ لأنها نجاسة فصح الوضوء قبل إزالتها كما لو كانت على البدن، فعلى هذا إذا توضأ استفاد بذلك مس المصحف ولبس الخفين، ويستمر وضوؤه إذا لم يمس فرجه، والرواية الأخرى: لا يصح وضوؤه وهي أشهر؛ لأن في الحديث:((إلا المذي يغسل ذكره ثم يتوضأ)) رواه النسائي؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم ينقل عنهم أنهم يتوضئون إلا بعد الاستنجاء، وفعله إذا خرج امتثالاً للأمر فحكمه حكم ذلك الأمر؛ ولأنهما محلان وجب غسلهما بسبب واحد في بدن واحد، فكان الترتيب بينهما مشروعاً كمحال الوضوء.
يقول: قال الشيخ عثمان في حاشيته على المنتهى: والفرق بين ما إذا كانت النجاسة على السبيل خارجة منه وبينما إذا كانت عليه غير خارجة منه أنها في الأولى موجبة للطهارة فاشترط زوال عينها، فاشترط زوالها عيناً وأثراً، بخلاف الثانية فهي غير موجبة للطهارة، فلم يشترط لصحتها زوالها، ولهذا لا يجزئ الاستجمار فيها بخلاف الأولى، ندرك الفرق هذا، يقول: الفرق بينما إذا كانت النجاسة على السبيل خارجة منه، وبينما إذا كانت عليه غير خارجة منه، أو على غيره من الأعضاء أنها في الأولى موجبة للطهارة، فاشترط زوالها عيناً وأثراً، بخلاف الثانية فهي غير موجبة للطهارة فلم يشترط لصحتها، يعني صحة الطهارة زوالها، يعني زوال النجاسة، ولهذا لا يجزئ الاستجمار فيها بخلاف الأولى.