لا ينوي بذلك القرآن، وإنما ينوي بذلك الذكر؛ لأن بعض أهل العلم يفرق بين أن يكون المتلو لا على جهة القرآن، ولا أنه يرجو به الثواب المرتب على القرآن، وإنما يرجو به ما رتب على هذا الذكر من حفظٍ وغيره، قراءة آية الكرسي مثلاً، آية الكرسي إذا آوى إلى مضجعه ولا يقربه شيطان، هو يريد ألا يقربه شيطان، ولا يريد بذلك أن يكسب بكل حرف عشر حسنات، فهم يفرقون من هذه الحيثية، ولا شك أن مثل هذا الكلام الذي دار من أهل العلم، ومنع الحائض والجنب من قراءة القرآن يمنعه حتى على جهة الذكر؛ لأنه لا يخرج عن كونه قرآن، ومن سمعه قال: قرآن، ومن قرأ يعرف أنه قرآن، ومن القرآن، لكن بعض آية مثلاً أهل العلم يقولون: إنه لا مانع من أن يقرأ الجنب والحائض بعض آية؛ لأنه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ويقول ...
على كل حال النبي -عليه الصلاة والسلام- أرسل إلى هرقل الكتاب المشهور في الصحيح وغيره، وفيه:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ} [(٦٤) سورة آل عمران] فأرسل إليه وهو في حكم الجنب، منهم من يقول: قراءة القرآن يُجمل، لا تجوز قراءة القرآن من لزمه الغسل، ويكون حينئذٍ أعم من جنب وحائض ونفساء، بمعنى أنه لو أن كافراً أسلم وليس عليه جنابة منعه من قراءة القرآن هل لكونه جنب، أو لكونه لزمه الغسل؟ نعم هم يفرقون بين هذه الأمور.
قراءة بعض آية لا تضر، إرسال قرآن أو كلام فيه كلام الله -جل وعلا- إلى الكفار كما جاء في حديث هرقل، هل يعني هذا أننا نجوز أن نرسل المصحف، أو نسافر بالمصحف إلى أرض العدو دار الحرب؟ أهل العلم يقولون: يحرم السفر بالمصحف إلى دار الحرب، لا سيما إذا خيف عليه، وكثيرٌ ما يرد من الأسئلة من إرسال التراجم، تراجم القرآن إلى اللغات الأخرى، تراجم معاني القرآن إلى اللغات الأخرى، وفيها القرآن، لا سيما إذا رُجي إسلام من يطلع عليه، يعني إذا غلب على الظن أن هذا الذي يطلع على القرآن أنه يسلم، والأكثر الترجمة.