للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبعد واستتر عن العيون، وارتاد لبوله مكاناً دمثاً، مكاناً رخواً؛ لئلا يرتد عليه البول، ويتوقى الأظلة التي يجلس فيها، والطرقات والأشجار المثمرة، وفرض الأنهار ((اتقوا الملاعن الثلاثة)) فلا يجوز أن يبول في ظل الناس، ولا محل اجتماعهم، ولا في طرقاتهم؛ لأنه يؤذيهم بهذا، ويتسبب في لعنهم إياه، فيتوقى الأظلة التي يجلس فيها والطرقات والأشجار المثمرة وفرض الأنهار، منهم من يقول: إذا كانت هذه الأماكن التي يجتمع فيها يزاول فيها منكر، ناس يجلسون في مكانٍ فيه ظل، أو في طريق لا يحتاجه المارة، إنما يستغله هؤلاء الذين يزاولون فيه هذا المنكر من أذى الناس أو الكلام فيهم في أعراضهم نقول: لا مانع من أن يفرقوا بهذه الطريقة، يبال فيه، وعلى هذا لو وجد في الحي أرض بيضاء محل يلعب فيها الشباب كرة، وبسببها يتأخرون عن الصلاة، هل يفرقون بمثل هذا؟ وهل يلحق بهذا ما يقوم مقامه مما يكون سبباً للتفريق مما هو ليس بنجس، مثل يغير فيه الزيت زيت السيارة، في هذا المكان الذي يكون سبباً لمنكر يجتمع الناس فيغتابون، يغير الزيت في هذا المحل، أو شباب يلعبون كرة في أرض فضاء تكون محل لتغيير الزيت يُفرقون.

وينجر الكلام إلى بعض الناس تكون سيارته من النوع القديم الذي ينزل منه الزيت، فهل مثل هذا يسوغ له أن يقف بهذه السيارة في طرقات الناس بحيث يتسبب في نزول هذه الزيوت التي تؤذي المارة، أم نقول: إنه يلزمك أن تقف في مكان لا يمر به أحد أو تصلح سيارتك لئلا تؤذي الناس؟ الزيت طاهر، لكنه مقذر مؤذي، وغسله أشق من غسل البول، فعلى هذا على من يملك مثل هذه السيارات يتحرى لا يكون سبباً في أذية الناس.

ولا يبول في ثقب ولا شق، قالوا: لأنها مأوى للجن، وسعد بن عبادة يذكر أنه بال في شقٍ فوجد صريعاً قتيلاً، قالوا: قتله الجن إن ثبت الخبر، قالوا:

نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ... رميناه بسهمٍ فلم نخطئ فؤاده

وعلى كل حال إذا كان يستبب في أذية وغلب على الظن أنه مأوى للجن، أو مأوى لأشياء محترمة مثل الضبان مثلاً، جحر فيه ضب يبول فيه وإلا ما يبول؟ لا يبول؛ لأن هذا مأكول محترم.