"الحمد لله رب العالمين" الحمد يعرفه أكثر العلماء بأنه الثناء على المحمود، الثناء على الله -جل وعلا-، لكن تفسيره بالثناء انتقده ابن القيم -رحمه الله- في الوابل الصيب وغيره من كتبه بحديث:((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى عليه عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي)) فالحمد غير الثناء، وفسر الحمد بأنه ذكر الله -جل وعلا- بآلائه وصفاته مع حبه وتعظيمه.
"رب العالمين" هذه الجملة هي الواردة في صدر القرآن الكريم، في أول سورة الفاتحة، و (أل) هنا للاستغراق، استغراق جميع المحامد لله -جل وعلا-.
"لله" خاص بالله -جل وعلا-، الحمد المستغرق بجميع أنواعه خاص بالله -جل وعلا-.
"رب العالمين" الذي رباهم بنعمه، والعالمين: جمع عالم، وكل ما سوى الله -جل وعلا- عالم، وهم عالمون باعتبار أجناسهم، فكل جنس عالم.
"وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين" ولم يذكر التسليم، اقتصر على الصلاة، وقد صرح النووي -رحمه الله- بكراهة الاقتصار على الصلاة دون السلام، والعكس، راداً بذلك على الإمام مسلم الذي اقتصر على الصلاة.
ولا شك أن الاقتصار على أحدهما غفلة، لا سيما مع طول الكلام، يُنسى السلام، يعني ذكر ما يقرب من سطرين، ونسي السلام، وإلا لا يتم امتثال الأمر بقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(٥٦) سورة الأحزاب] إلا بالجمع بينهما، فمن اقتصر على أحدهما لم يتم امتثاله.
ابن حجر -رحمه الله- قصر الكراهة على من كان ديدنه ذلك، يعني يصلي باستمرار ولا يسلم، أو يسلم باستمرار ولا يصلي، أما من كان يقتصر على الصلاة تارة، وعلى السلام تارة، ويجمع بينهما تارة هذا لا يتناوله الكراهة، وأقل الأحوال أن يقال: إنه خلاف الأولى؛ لأنه لا يتم به الامتثال.
"وصلى الله على سيدنا" سيدنا النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:((أنا سيد ولد آدم)) ولا شك في سيادته، لكن لما قيل له: أنت سيدنا، قال:((السيد الله)) فلكل مقام مقال، إذا خشي من الغلو نفي الوصف المناسب له، إذا خشي من الغلو، أما مع أمنه فهو السيد -عليه الصلاة والسلام-.