في قصة عمار -رضي الله تعالى عنه- جعلوا الحد الفاصل الثلاثة الأيام، فما زاد عنها حكمه حكم الجنون، وما نقص عنها حكمه حكم النوم، ويترتب على هذا أنه إذا قلنا: أنه في حكم المجنون ارتفع عنه التكليف بالكلية، وإذا قلنا: حكمه حكم النوم التكليف باقٍ، فعلى هذا لو خدر أربعة أيام يقضي وإلا ما يقضي؟
طالب: يقضي على التكليف.
ما يقضي.
طالب: لا، إذا قيل: إنه مكلف يقضي.
لا، إذا قلنا: إن حكمه حكم الجنون ما يقضي، إذا قلنا: إن حكمه حكم النائم يقضي.
طالب: يقضي.
فالحد الذي حدوه لقصة عمار بالثلاثة الأيام المسألة لا تخلو من خلاف، لكن التقدير بهذا مناسب؛ لأنه لا يوجد أحد ينام أكثر من ثلاثة أيام، يعني نوم من غير تنويم، فإذا قلنا: حكمه حكم الجنون، وهو أكثر من ثلاثة أيام قلنا: لا يقضي، وإذا قلنا: إن حكمه حكم النوم؛ لأنه لم يستغرق أكثر من ثلاثة أيام فإنه حينئذٍ يقضي هذه المدة.
"والارتداد عن الإسلام" نسأل الله السلامة والعافية {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(٦٥) سورة الزمر] ومن العمل الطهارة {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(٦٥) سورة الزمر] وهل حبوط العمل مقيد بالموت على الردة أو لا؟ لأنه جاء القيد:{فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(٢١٧) سورة البقرة] وجاءت الآية مطلقة في حبوط العمل، فهل نقول: يحمل المطلق على المقيد هنا لا سيما وأن الحكم والسبب متحدان، أو نقول: يبطل بمجرد الردة ولو رجع قريباً يحبط العمل ولو رجع قريباً؟ وتظهر فائدة الخلاف ظهوراً جلياً في الحج، فإذا حج حجة الإسلام ثم حصل له أن ارتد نسأل الله السلامة والعافية فهل نقول: يعيد حجة الإسلام أو لا يعيد؟ يعيد؛ لأنه ارتد {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(٦٥) سورة الزمر] {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(٢١٧) سورة البقرة].
طالب: هل يعيد؟
أو لا يعيد؟ هل نقول: يحمل المطلق على المقيد؟ إذاً لا يعيد، وإذا قلنا: بأنه لا يحمل المطلق على المقيد في مثل هذا فإنه حينئذٍ يعيد، وبكلٍ من القولين قال جماعة من أهل العلم، والأظهر أنه يحمل المطلق على المقيد لا سيما وأن السبب والحكم متحدان.