للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنا قناعتي أن الطلاب يربون على الكتب الصعبة، لا على الكتب السهلة؛ لأن هؤلاء الطلاب إذا هضموا مثل هذا الكتاب -أعني المنتهى- لن يشكل عليهم أي عبارة من عبارات الفقهاء، لن يقف في وجوههم أي جملة من جملهم أو كلمة، بينما لو ربوا على الكتب السهلة، وكتب المعاصرين ومذكراتهم، ثم انفرد كل طالب بنفسه في قرية لا يعينه على فهم العلوم أحد وقع حائر أمام عبارات العلماء، فعلى هذا، هذا هو سبب الاختيار الأول، لكن العدول عنه لا لصعوبته، إنما الصعوبة المقرونة بالطول، يعني لو كان الكتاب ينتهي بمدة سنتين أو ثلاث مع طوله كان الاستمرار أولى، والعلماء حينما يقصدون إلى توعير العبارة ليس هدفهم وقصدهم تعذيب الطلاب، أو إطالة الطريق عليهم أبداً، إنما المقصود تمرينهم وتدريبهم، وأنت تسمع من يتصدى للإفتاء في مختلف الوسائل الآن، تعرف أن هذا المفتي تربى على كتب أهل العلم وإلا علمه مجرد ثقافة وأساليب وإنشاءات، تفرق.

المقصود أن الصعوبة هذه مقصودة لأهل العلم، توعير العبارات لتمرين الطلاب وتدريبهم على أساليب أهل العلم؛ لأنهم يتوقعون أن هذا الطالب الذي قرأ هذا الكتاب، وحل هذا الكتاب على هذا الشيخ أنه يتفرد فيما بعد، فلا يحتاج إلى غيره، يعني إلى متى يحتاج الطالب إلى غيره؟ المتوقع أن الطالب سنة سنتين ثلاث خمس، عشر، بالكثير، ثم يستقل بنفسه، بعض من كتب في النحو صعب العبارة جداً، وأغلقها وأرتجها، بحيث لا يفهم كتابه إلا عن طريقه هو، ولما سئل عن ذلك قال: لو سهلناه ما احتاج الناس إلينا، وضعنا، لكن هذا قصد ليس من مقاصد أهل العلم الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يعملوا الناس، هذا دنيوي محض، فعدلنا عن الكتاب الصعب الطويل إلى كتاب مهجور مع أنه أقدم متون الحنابلة على الإطلاق، وعناية الحنابلة به تفوق الوصف، فقد ذكر أنه تصدى لشرحه أكثر من ثلاثمائة عالم، قالوا: عليه أكثر من ثلاثمائة شرح؛ لأهميته، وكتاب بهذا الحجم، وهذا الوزن عند أهل العلم ويبقى مهجور هذا خلل.

الشروح التي يذكرون من هذه الأعداد كثير منها يمكن الاستغناء عنه بغيره، ولذا لم ينتشر، وما حفظ من هذه الشروح إلا نحو عشرين شرح، وطبع منها عدد يسير.