إذ ليس فيه أن لابس الخف يجب عليه غسل الرجلين، وإنما فيه أن من قام إلى الصلاة يغسل، والأصل أنه بدون خفين، هذا الأصل، فيغسل الرجلين، وهذا عام لكل قائم إلى الصلاة، لكن ليس عاماً لكل أحواله، بل هو مطلق في ذلك مسكوت عنه.
قال أبو عمر بن عبد البر: معاذ الله أن يخالف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتاب الله، بل يبين مراده، وطائفة قالت كالشافعي وابن القصار ومال إليه أبو العباس أيضاً -يعني ابن تيمية رحمه الله-؛ لأن الصياغة -صياغة الاختيارات- ليست له، إن الآية قرئت بالخفض والنصب، فيحمل النصب على غسل الرجلين، والخفض على مسح الخفين فيكون القرآن كآيتين، لفظ واحد يؤخذ منه حكمان في نفس المورد هل يمكن أن يؤخذ من لفظ واحد حكمان؟ وهل هذا من باب العمل بحقيقة اللفظ ومجازه الذي يقول به بعض أهل العلم، وإن كان الجمهور على خلافه؟ أو نقول: إن القراءتين كاللفظين؟ لا سيما وأن القراءتين سبعيتان متواترتان، يعني لو كانت القراءة آحاد قلنا: حكمها حكم الخبر، حكمها حكم الحديث، وإن كان بعضهم لا يرى العمل بها أصلاً؛ لأنها إذا لم تثبت قرآن لم تثبت خبر، حديث، هنا لفظ واحد:"أرجلَكم" و"أرجلِكم" يدل على الغسل ويدل على المسح، هل هذا من العمل بحقيقة اللفظ ومجازه الذي ينكره أكثر أهل العلم؟ أو أننا نعتبر أن كل قراءة آية مستقلة؟ وهنا فيكون القرآن كآيتين، هي في الحقيقة آية واحدة، ولذلك قال: كآيتين، ما قال: فيكون القرآن كآيتين، ما قال: فيكون القرآن آيتين، يعني حكماً؛ لأن كل قراءة تدل على غير ما دلت عليه الأخرى، فحكمهما حكم القراءتين.
قال -رحمه الله-: وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين؟ أم هما سواء؟ وعطف بـ (أم) والأصل أن يعطف بـ (أو) قال: وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين؟ أم هما سواء؟ العطف بـ (أو) لأن العطف بـ (أم) إنما يكون بعد الهمزة.
و (أم) بها اعطف إثر همز التسوية ... أو همزة عن لفظ أي مغنية