للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرنا في مناسبات كثيرة، وأيضاً في مقدمة شرح النخبة بيان لهذا الأمر، وقلنا: إن المتأخرين عالة على المتقدمين، يعني لولا جهود المتقدمين ما صار للمتأخرين أي ذكر في هذا الباب؛ لأن المسألة مسألة رواية، فالمتأخرون عالة على المتقدمين، والأصل في الباب المتقدمون، لكن من يخاطب بهذا الكلام؟ المخاطب المتأهل، الذي يستطيع أن يميز بين أقوال أهل العلم المتقدمين؛ لأنهم يتكلمون بإشارات، لا يتكلمون ببسط العبارات، إنما يتكلمون بإشارات، فمن تأهل لذلك هذا فرضه، مثل الاجتهاد في الأحكام، أما من لم يتأهل لذلك فلا بد له من التعلم والتمرين على طريقة المتأخرين؛ لأنها هي المنضبطة، وأيضاً المتقدمون الذي ينادى بتقليدهم أقوالهم متعارضة في كثير من المسائل، ماذا يفعل المبتدئ في هذه الأقوال المتعارضة وليست لديه أهلية للتوفيق بين هذه الأقوال المتعارضة؟ لا شك أن نداء المبتدئين بهذا الأمر وتقليد المتقدمين ونبذ قواعد المتأخرين هذا تضييع، يعني مثل من يقول لطالب في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة ما عنده شيء من مبادئ العلوم يقول له: اجتهد من الكتاب والسنة، هذا تضييع، لا بد أن يتفقه على طريقة أهل العلم، وهنا لا بد أن يدرك من علوم الحديث ما أدركه غيره وسار عليه، حتى هؤلاء الذين ينادون بنبذ قواعد المتأخرين متى وصلوا إلى هذه المرحلة؟ بعد أن تربوا على قواعد المتأخرين، يعني هل يستطيع طالب علم أن يتربى من البداية على أحكام الأئمة؟ ماذا يصنع هذا المبتدئ إذا قال أبو حاتم: مرسل وقال أحمد: موصول؟. . . . . . . . . السلم الذي وضعوه لطبقات المتعلمين، ثم بعد ذلك إذا تأهل وأكثر من التمرين والتخريج والأسانيد وغيرها، وجمع الطرق، وتأهل فرضه محاكاة الأئمة، كما فعل الذهبي، وكما فعل ابن رجب، وكما فعل ابن حجر، وغيرهم من أهل العلم، تربوا على الجادة، ثم بعد ذلك حاكوا الأئمة، ولذلك تجد ابن حجر حينما قعد القواعد في النخبة، ومشى عليها برهة من الزمن، وأكثر من التخريج، تجده في النتائج يخرج عن النخبة؛ لأنه وجد نتيجته تختلف مع حكم الإمام أحمد، أو مع حكم علي بن المديني، أو مع حكم البخاري، أو أبي حاتم، أو غيرهم، فلا بد من التأهل قبل، ثم بعد