وهو آخر أبواب الطهارة، وهو موجب للطهارة الكبرى التي هي الغسل، ختم به المؤلف كتاب الطهارة، وهذا الباب من أبواب الفقه من أعقد الأبواب عند أهل العلم، عند أرباب المذاهب على ما سيأتي من أمثلة هذا التعقيد في هذا الكتاب، وفي غيره من الكتب، في المطولات أشد، يعني نظير ما مضى في تقسيم الماء إلى ثلاثة أقسام، ونشأ عنه من فروع المسائل ما لا يتصوره كثير من طلاب العلم، فيستصعبون دراسة الفقه لوجود مثل هذه التفريعات، مع أن ما ورد في الحيض من النصوص شيء يسير يمكن الإحاطة به، لكن الذي يصعب دراسة مثل هذا الباب، كثرة الوقائع والنوازل، فالنساء تختلف عادتهن قلة وكثيرة، زيادة ونقصاً، انتظاماً واختلافاً واضطراباً، وقائع لا تعد ولا تحصى، ويفترض أهل العلم لكل واقعة جواب نشأ عن ذلك كله تعقيد في فهم مسائل هذا الباب، وإلا فالأصل أن توضع ضوابط تطبق عليها هذه الفروع، إضافة إلى هذه الصعوبة أن في بعضها مخالفة لما جاء في بعض الأحاديث، والسبب في ذلك أن بعض الأحاديث تحتمل أكثر من فهم، وفهم منها بعض أهل العلم ما لم يفهمه الآخر، والأحاديث أيضاً إضافة إلى هذه الاحتمالات تختلف قوة وضعفاً من وجهة أنظار العلماء، فبعضهم يرجح حديث على حديث، ويبني عليه مسائل الباب وهكذا، ثم ازداد الأمر تعقيداً بعد وجود المؤثرات، فالمأكولات لها أثر، وحفظ المواد الغذائية له أثر، واستعمال الموانع والروافع له أثر في الانتظام والاضطراب، ولذا لا تجد وقتاً من الأوقات يخلو عن سؤال من أسئلة الحيض، النساء يتعرضن لهذا الأمر الذي كتبه الله على بنات آدم، فأول امرأة حاضت، وهذا كما جاء في الحديث الصحيح أن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، وإن روي عن ابن مسعود بسند جيد أن أول من حاض نساء بني إسرائيل، عوقبن بالحيض، لكن ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما قال الإمام البخاري أكثر، فهو مكتوب على بنات آدم من أول الأمر؛ لأن هذا جبلي طبيعي يشترك فيه النساء، وهو بالنسبة للنساء وللرجال أيضاً أذى، كما قال الله -جل وعلا-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [(٢٢٢) سورة البقرة] والخلاف بين أهل العلم في المحيض المانع من العبادات يمنع المرأة