للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على كل حال القول المرجح أنه فرض كفاية، وإن قال جمع من أهل العلم بسنيته واستحبابه، نظراً لأن الصلاة لا تتأثر بتركه، لكن ما دام ثبت الأمر به، وأنه شعيرة من شعائر الإسلام، وأنه علامة على أن البلد مسلم إذا رُفع فيه الأذان، وفعل بحضرته -عليه الصلاة والسلام-، وأمر به على الدوام، ولزمه المسلمون على مختلف العصور، ولم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى في مسجده بغير أذان، وأذن في المشاعر بأمره -عليه الصلاة والسلام-، في عرفة وبمزدلفة وفي منى وفي غيرها من المواقف، فلم يثبت أنه تركه -عليه الصلاة والسلام-، هذا دليل على وجوبه، وأن من تواطأ على تركه يأثم، إذا تواطأ أهل بلد على تركه أثموا، لكن لو ترك الأذان، تركت الإقامة، وصلى الإنسان صلاة تامة بواجباتها وشروطها وأركانها ولو كانوا جماعة، ولو كانوا في مسجد فالصلاة صحيحة؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج عن الصلاة لم يعد إليها ولا إلى شرطها أو جزئها، فالصلاة صحيحة مع الإثم.

قال -رحمه الله-: "ويذهب أبو عبد الله" يعني الإمام أحمد -رحمه الله-، الذي ألف الكتاب في بيان مذهبه -رحمه الله-.

"ويذهب أبو عبد الله -رحمه الله- إلى أذان بلال" أذان بلال هو الذي رآه عبد الله بن زيد بن عبد ربه، في أول الأمر ما كان يؤذن للصلاة، وليست هناك علامة يستدلون بها على الاجتماع للصلاة، فتدارس النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أصحابه شيئاً يجتمعون به إلى الصلاة، فقال بعضهم: لو أوقدنا ناراً، قالوا: النار للمجوس، قالوا: لو وضعنا بوقاً؟ قالوا: البوق لليهود، قيل: لو ضربنا ناقوساً؟ قالوا: الناقوس للنصارى، فتفرقوا ولم يتفقوا على شيء، فرأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي الأذان غير راوي الوضوء، عبد الله بن زيد بن عاصم، ووهم من جعلهما واحداً، فرأى رجلاً بيده ناقوس، فقال: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: ماذا تفعل به؟ قال: ننادي به للصلاة، قال: ألا أدلك على ما هو خير منه؟ تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر ... إلى آخر الأذان.

في الحديث أيضاً الحديث الصحيح يقول عبد الله بن زيد: "طاف بي وأنا نائم طائف فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر ... إلى آخره.