"ويرفع يديه كرفعه الأول، ثم يقول: ربنا ولك الحمد" بالواو دون اللهم، وبحذفها ربنا لك الحمد، وباللهم دون الواو، وبها، أربع صيغ، اللهم ربنا ولك الحمد، بالجمع بين اللهم والواو، واللهم ربنا لك الحمد، اللهم بدون الواو، ربنا ولك الحمد بالواو دون اللهم، ربنا لك الحمد بدونهما، وكل هذه الصيغ ثابتة، وهم يختلفون في المرجح، منهم من يقول: هو بدون الواو أفضل وأكمل؛ لأن الواو تقتضي معطوف، معطوف عليه، ولا بد من تقدير، وإذا لم نحتج إلى التقدير كان أولى؛ لأن الكلام الذي لا يحتاج إلى تقدير أولى مما يحتاج إلى تقدير، ومنهم من يقول: إن وجود الواو أكمل، لماذا؟ لأننا نقدر جملة فيها زيادة معنى، وبدون الواو لا نحتاج إلى هذه الجملة التي فيها زيادة معنى، وإذا أضفنا اللهم مع الواو -كما يقرر أهل العلم- فيه زيادة في المبنى، في ذلك زيادة في المبنى، وزيادة المبنى عندهم تدل على زيادة المعنى غالباً وإلا يقولون: حذر أبلغ من حاذر.
الواو هذه واقتضائها المعطوف عليه جعلت أهل العلم يختلفون في الرد على الكافر في سلامه إذا قال كما قالت اليهود: السام عليكم، هل نقول: عليكم، وإلا وعليكم؟ نعم؟ وعليكم هذه الواو تقتضي معطوف كأنك قلت: علينا وعليكم، ولذلك يقولون: بدون الواو أفضل، ومنهم من يقول: ما دام ثبتت "وعليكم" فلا مانع أن يكون الموت على الجميع وهو مكتوب على الجميع، لكن صيغة الابتداء اللي هو السلام هذا دعاء ما هو بخبر لنقول: إنه مكتوب على الجميع.
على كلٍ مثل هذه الدقائق يلتفت لها أهل العلم، وأمور المسلمين ماشية بالواو وبدونها من غير التفات إلى مثل هذه الأمور، فإذا ثبت النص بلفظ فلا يتم الامتثال إلا به، إذا ثبت ولو كان حرف، لا يتم الامتثال إلا به، وإذا لم يثبت فلا تجوز زيادته، لا سيما في الألفاظ المتعبد بها.
ابن القيم -رحمه الله تعالى- يقول: إنه لم يثبت الجمع بين اللهم والواو مع أنها ثابتة في الصحيح، الجمع بين اللهم والواو، ولعل ابن القيم -رحمه الله- اعتمد على رواية ليست فيها هذه الواو؛ لأن رواية الصحيح كثيرة، وليس هو بمعصوم أيضاً، قد يغفل عن بعض الروايات وإن كانت موجودة.