في تجهيز الجيوش، يعني تشريك عبادة بعبادة، لا شك أن تفريغ القلب لما هو بصدده من العبادات هذا هو الأصل وهو الأكمل، وكون عمر -رضي الله عنه- يجهز الجيوش ليس هو الأكمل، عرفنا أو بسطنا مراراً مثل هذه المسائل، وقلنا: إن الإنسان قد يسمع الإمام يقرأ في قراءة مؤثرة، والناس يبكون من حوله وهو يبكي، لكن لا من جراء هذه القراءة، بل الإنسان قد يصلي مثلاً في المسجد الحرام في الدور الثاني في مكان مطل على المطاف، ويرى الناي يموجون، ويتذكر يوم القيامة مثلاً، ووضع الناس فيه، ثم يبكي من ذلك والإمام يقرأ قراءة مؤثرة يبكي منها بعض الناس، وقد يكون الإمام يبكي، لا شك أن مثل هذا انشغل بعبادة، لكنه انشغل عما هو أهم منها، عما هو بصدده، يعني بعض الناس يحتاج إلى كتاب مثلاً، وعند المسجد الذي يصلى فيه على الجنائز مكتبات، ويحتاج إلى كتاب ويقول: أنا أروح أصلي على الجنائز وأشتري الكتاب من تلك المكتبات، ما الذي نهزه إلى الاتجاه إلى ذلك المحل؟ هل الذي نهزه الصلاة على الجنائز أو الكتاب؟ وما مدى حاجته لهذا الكتاب لنقول بشرعية شراء هذا الكتاب أو عظم أجره أو يكون أجره أقل، إذا كان مثلاً نسخة ثانية وإلا ثالثة، ترى هذه أمور تحتاج إلى شيء من النظر الدقيق؛ لأن بعض الناس يقول: والله الآن عند مسجد الراجحي مكتبات، منها ما يبيع الجديد، ويأتي بالجديد في كل يوم، ومنها ما يبيع القديم، وهذا له ناس، وذاك له ناس، وقد يكون الداعي إلى الذهاب إلى هناك هو الكتاب، وقد يكون الباعث على شراء الكتاب ليس هو الاستفادة مثلاً، ذكر له كتاب وعنده منه نسخ وراح، قال: نصلي على الجنائز ونشتري الكتاب، فهذه أمور لا شك إن كان يحتاج الكتاب فهو من وسائل العلم، والعلم مطلوب شرعاً، والتشريك في مثل هذا غير مؤثر، فهو يؤجر أجر الصلاة على الجنائز، ويؤجر أيضاً على شراء الكتاب والذهاب إليه.