اعلم أن المعنى العامل فيما عرفته عند سيبويه ومن تابعه من الأئمة شيئاًن: أحدهما الابتداء وأنه يرفع المبتدأ والخبر ويعنون بالابتداء تجريد الاسم عن العوامل اللفظية لأجل الإسناد كنحو زيد منطلق وحسبك عمرو وهل أحد قائم ويسمى المسند إليه مبتدأ والمسند خبرا، والمراد عندهم بالعوامل اللفظية ما عملت كأن وأن وأخواتهما، ومن شأن المبتدأ إذا كان ضمير الشأن أن يجب تقديمه كنحو هو زيد منطلق وجوب تقديم الخبر إذا كان فيه معنى استفهام كنحو أين زيد أو كان ظرفا والمبتدأ نكرة غير مقدر في الدار رجل وأن يرتفع الوجوب في الجانبين فيما سوى ذلك ولا كلام في جواز الحذف لأيهما شئت عند الدلالة، ولذا يحمل قوله تعالى " فصبر جميل " على حذف المبتدأ تارة وحذف الخبر أخرى، وقد جاء حذف الخبر ملتزما في مواضع: منها قولهم ضربي قائما وأكثر شربي السويق ملتوتا وأخطب ما يكون الأمير قائما وكل رجل وضيعته، وقولهم الزيداًن باعتبار، وقولهم لولا زيد على أحد المذهبين. وثانيهما صحة وقوع الفعل المضارع موقع الاسم فإنها ترفعه كنحو زيد يضرب، وكذا يضرب الزيداًن ولا بد من تفسير الصحة بعدم الاستحالة أو القول عند خلوص الداعي بعدم الوجوب حتى يتمشى كلامهم إذا تأملته. واعلم أنه لا يجتمع عاملان لفظي ومعنوي إلا ويظهر عمل اللفظي