اعلم أن مساق الحديث يستدعي تمهيدا وهو أن مقتضى الحال عند المتكلم يتفاوت كما ستقف غليه إذا أفضت النوبة على التعرض له من هذا الكتاب بإذن الله تعالى فتارة تقتضي ما لا يفتقر في تأديته على أزيد من دلالات وضعية وألفاظ كيف كانت ونظم لها لمجرد التأليف بينها يخرجها عن حكم النعيق وهو الذي سميناه في علم النحو أصل المعنى ونزلناه ههنا منزلة أصوات الحيوانات وأخرى تقتضي ما نفتقر في تأديته على أزيد وظاهر أن الخطأ الذي نحن بصدده لا يجامع في الأول أدنى التمييز فضلا أن يقع فيه من العاقل المتفطن وإنما مثار الخطأ هو الثاني وإن اختلج في وهمك أن الاحتراز عن الخطأ في الثاني إن لم يتوقف على علم المعاني استغنى عنه وإن توقف عليه ولا شبهة في أن الكلام فيه كلام من القبيل الثاني فيتوقف تعريفه على تعريف له سابق ويتسلسل أو يدور فاستوضح ما أجبنا به عن تعلم علم الاستدلال وعلم العروض، إذ قيل إن كان العقل أو الطبع يكفي في البابين فليستغن عن تعليمهما وإلا كان تعليمهما موقوفا على تعليم سابق والمآل إما الدور أو التسلسل وسننظم لك هذين العلمين في سلك التعرض لهما إذا حان وقته بإذن الله تعالى. وإذ قد عرفت هذا فنقول: إن التعرض لخواص تراكيب الكلام