الخامس إلا طول خدمة هذين العلمين بعد فضل إلهي من هبة يهبها بحكمته من يشاء، وهي النفس المستعدة لذلك، فكل ميسر لما خلق له، ولا استبعاً د في إنكار هذا الوجه ممن ليس معه ما يطلع عليه، فلكم سحبنا الذيل في إنكاره ثم ضممنا الذيل ما إن ننكره، فله الشكر على جزيل ما أولى، وله الحمد في الآخرة والأولى.
[فصل]
هذا وحين نرى الجهل قد أعمى جماعات عن علو شأن التنزيل حتى تعكسوا في ضلالات اعتقدوها لجهلهم مطاعن قامت على صحتها الأدلة، فما ديدن الجهال إلا كذلك يقيمون ما نص لديه الجهل تليله مقام ما قص عليه العقل دليله، فلئن لم يحرك هاهنا القلم ليقفن المبتغى بين منزلي حصول وفوات، وكأني بمقامي هذا أسمعه ينشدني:
فإيه أبا الشداد إن وراءنا ... أحاديث تروى بعدنا في المعاشر
يدعوني بذلك على تتمة الغرض من علمي المعاني والبيان في تحصيل ما قد اعترض مطلوبا كما ترى فها نحن لدعوته مجيبين بإملاء ما يستمليه المقام في فنين يذكر في أحدهما ما يتعلق بالنظم توخيا لتكميل علم الأدب وهو اتباع علم المنثور علم المنظوم وتفصيلا لشبه يتمسك بها من جهته ثم يذكر في الثاني دفع المطاعن فاعلين ذلك تحقيقا لظن نظنه أنك منا طامع في أن نسوق إليك الكلام على هذا الوجه، وإن أحببت سبب الظن فاضح أليس متى جاء دافع وهي مفصلة عندك كان أجلب لثلج الصدر منك إذا جاء وهي مجملة، وهل إذا فضل المتكلم العالم بمداخل الفلسفة ومخارجها على المتكلم الجاهل بذلك فضل عليه بغير هذا لا أسئ بك الظن، فأعدك عن تحقق ذلك على ريبة فقل لي وقد