اعلم أن قارعي باب الاستدلال بعد الاتفاق على أنه معجز مختلفون في وجه الإعجاز، فمنهم من يقول وجه الإعجاز هو أنه عز سلطانه صرف المتحدين لمعارضة القرآن عن الإتيان بمثله بمشيئته لا أنها لم تكن مقدورا عليها فيما بينهم في نفس الأمر، لكن لازم هذا القول كون المصروفين عن الإتيان بالمعارضة على التعجب من تعذر المعارضة لا من نظم القرآن مثله إذا قال لك مدع شيئاً حجتي في دعواي هذا أني أضع الساعة يدي على نحري ويتعذر ذلك عليك ووجدت حجته صادقة فإن التعجب في ذلك يكون منصرفا على تعذر وضع يدك على النحر لا على وضع المدعي يده على نحره واللازم كما ليس بخفي منتف، ومنهم من يقول وجه إعجاز القرآن وروده على أسلوب مبتدأ مباين لأساليب كلامهم في خطبهم وأشعارهم، لا سيما في مطالع السور ومقاطع الآي مثل يؤمنون يعملون، لكن ابتداء أسلوب لو كان يستلزم تعذر الإتيان بالمثل لاستلزم ابتداء أسلوب الخطبة أو الشعر إذ لا شبهة في أنهما مبتدآت تعذر الإتيان بالمثل واللازم كما ترى منتف، ومنهم من يقول وجه إعجازه سلامته عن التناقض لكنه يستلزم كون كل كلام إذا سلم من التناقض وبلغ مقدار سورة من السور أن يعد معارضة واللازم بالإجماع منتف، ومنهم من يقول وجه الإعجاز الاشتمال على الغيوب لكنه يستلزم قصر التحدي على السور المشتملة على الغيوب دون ما سواها واللازم بالإجماع أيضا منتف، فهذه أقوال أربعة يخمسها ما يجده أصحاب الذوق من أن وجه الإعجاز هو أمر من جنس البلاغة والفصاحة، ولا طريق لك على هذا