أن تستشعرها بنفس لك يقظى وطبع لطيف مع فهم متسارع وخاطر معوان وعقل دراك، وعلماء هذه الطبقة الناظرة بأنوار البصائر المخصوصون بالعناية الإلهية المدللون بما أوتوا من الحكمة وفصل الخطاب على أن كلام رب العزة وهو قرآنه الكريم وفرقانه العظيم لم يكتس تلك الطلاوة ولا استودع تلك الحلاوة وما أغدقت أسافله ولا أثمرت أعاليه وما كان بحيث يعلو ولا يعلى إلا لانصبابه في تلك القواليب ولوروده على تلك الأساليب.
[الفن الثالث]
للوجه الذي علمت أيها المخصوص بتلاطم أواذي فكره دون أبناء جنسه المستودع في استكشافه عن أسرار البلاغة كمال أنسه النقاب المحدث فلا يحتجب عنه شيء من بدائع النكت في مكانها المستخرج للطائف السحر البياني عن معادنها المستطلع طلع الإعجاز التنزيلي باستغراق طوقه المالك لزمام الحكم كفاء المتحدين بعجيب فهمه وغريب ذوقه فهو الطلبة وماعداه ذرائع إليه وهو المرام وما سواه أسباب للتسلق عليه أن لابد من التصفح لمقتضيات الأحوال في إيراد المسند إليه على تلك الصور والكيفيات تعلم له أيضا أن لابد من التصفح عن الأحوال المقتضية لأنواع التفاوت في المسند من كونه متروكا تارة وغير متروك أخرى ومن كونه مفردا أو جملة وفي إفراده من كونه فعلا نحو قام زيد ويقوم وسيقوم أو اسما منكرا أو معرفا من جملة المعرفات مقيدا كل من ذلك بنوع قيد نحو ضربت يوم الجمعة وزيد رجل عالم وعمرو أخوك الطويل أو غير مقيد، وفي كونه جملة من كونها إسمية أو فعلية أو شرطية أو ظرفية ومن كونه مؤخرا أو مقدما حتى يتهيأ لك أن يتسم لكل مقام بسمته وأن يجري