لا يخفى عليك أن التشبيه مستدع طرفين مشبهاً ومشبهاً به واشتراكاً بينهما من وجه وافتراقا من آخر مثل أن يشتركا في الحقيقة ويختلفا في الصفة أو بالعكس. فالأول كالإنسانين إذا اختلفا صفة طولا وقصرا، والثاني كالطويلين إذا اختلفا حقيقة إنساناً وفرساً وإلا فأنت خبير بأن ارتفاع الاختلاف من جميع الوجوه حتى التعين يأبى التعدد فيبطل التشبيه لأن تشبيه الشيء لا يكون إلا وصفا له بمشاركته المشبه به في أمر والشيء لا يتصف بنفسه كما أن عدم الاشتراك بين الشيئين في وجه من الوجوه يمنعك محاولة التشبيه بينهما لرجوعه على طلب الوصف حيث لا وصف وأن التشبيه لا يصار إليه إلا لغرض وأن حاله تتفاوت بين القرب والبعد وبين القبول والرد، هذا القدر المجمل لا يحوج على دقيق نظر إنما المحوج هو تفصيل الكلام في مضمونه وهو طرفا التشبيه ووجه التشبيه والغرض في التشبيه وأحوال التشبيه ككونه قريباً أو غريباً مقبولاً أو مردوداً فظهر من هذا أن لا بد من النظر في هذه المطالب الأربعة فلننوعه أربعة أنواع.
النوع الأول النظر في طرفي التشبيه المشبه. والمشبه به إما أن يكونا مستندين على الحس كالخد عند التشبيه بالورد في المبصرات وكالأطيط عند التشبيه بصوت الفراريج في المسموعات وكالنكهة عند