الحد عندنا دون جماعة من ذوي التحصيل عبارة عن تعريف الشيء بأجزائه أو بلوازمه أو بما يتركب منهما تعريفا جامعا مانعا، ونعني بالجامع كونه متناولا لجميع أفراده إن كانت له أفراد وبالمانع كونه آبيا دخول غيره فيه فإن كان ذلك الشيء حقيقة من الحقائق مثل حقيقة الحيوان والإنسان والفرس وقع تعريفا للحقيقة وإن لم يكن مثل العنقاء أو مثل المرسن وقع تفصيلا للفظ الدال عليه بالإجمال وكثيراً ما نغير العبارة، فنقول: الحد هو وصف الشيء وصفا مساويا، ونعني بالمساواة أن ليس فيه زيادة تخرج فردا من أفراد الموصوف ولا نقصان يدخل فيه غيره، فشأن الوصف هذا يكثر الموصوف بقلته ويقلله بكثرته ولذلك يلزمه الطرد والعكس، فامتناع الطرد علامة النقصان وامتناع العكس علامة الزيادة وصحتهما معا علامة المساواة، والعبرة بزيادة الوصف ونقصانه الزيادة في المعنى والنقصان فيه لا تكثير الألفاظ وتقليلها في التعبير عن مفهوم واحد، وهاهنا عدة اصطلاحات لذوي التحصيل لا بأس بالوقوف عليها، وهي أن الحقيقة إذا عرفت بجميع أجزائها سمي حدا تاما وهو أتم التعريفات، وإذا عرفت ببعض أجزائها سمي حدا ناقصا، وإذا عرفت بلوازمها سمي رسما ناقصا، وإذا عرفت بما يتركب من أجزاء ولوازم سمي رسما تاما، ويظهر من هذا الشيء متى كان بسيطا امتنع تعريفه بالحد ولم يمتنع تعريفه بالرسم، ولذلك يعد الرسم أعم كما يعد الحد أتم.