آدم خلقه من تراب " ثم قال له كن فيكون دون كن فكان من هذا القبيل واستلزم في مثل " لو أنتم تملكون " حمله على تقدير لو تملكون تملكون لفائدة التأكيد، ثم حذف الفعل الأول اختصارا لدلالة ضميره عليه المبدل بعد ذهاب الفعل منفصلا وأمثال هذه للطائف لا تتغلغل فيها إلا أذهان الراضة من علماء المعاني، ولمبني علم المعاني على التتبع لتراكيب الكلام واحداً فواحداً كما ترى وتطلب العثور على ما لكل منها من لطائف السكت مفصلة لا تتم الإحاطة به إلا لعلام الغيوب ولا يدخل كنه بلاغة القرآن إلا تحت علمه الشامل.
واعلم أن مستودعات فصول هذا الفن لا تتضح إلا باستبراء زناد خاطر وقاد ولا تنكشف أسرار جواهرها إلا لبصيرة ذي طبع نقاد ولا تضع أزمتها إلا في يدراكض في حلبتها على أنأى مدى باستفراغ طوق متفوق أفاويق استئباتها بقوة فهم ومعونة ذوق مولع من لطائف البلاغة بما يؤثرها القلوب بصفايا حباتها وتبثر عليها أفئدة مصاقع الخطباء خبايا مخبآتها متوسل بذلك أن يتأنق في وجه الإعجاز في التنزيل متنقلا ماجمله عجز المتحدين به عندك على التفصيل طامع من رب العزة والكبرياء في المثوبة الحسنى والفوز عنده يوم النشور بالذخر الأسنى.
[الفن الرابع]
مركوز في ذهنك لا تجد لرده مقالا ولا لارتكاب جحده مجالا أن ليس يمتنع بين مفهومي جملتين اتحاد بحكم التآخي وارتباط لأحدهما بالآخر مستحكم الأواخي ولا أن يباين أحدهما الآخر مباينة الأجانب لانقطاع الوشائج بينهما من كل جانب ولا أن يكونا بين لآصرة