رحم ما هنالك فيتوسط حالهما بين الأولى والثانية لذلك ومدار الفصل والوصل وهو ترك العاطف وذكره على هذه الجهات وكذا طي الجمل عن البين ولا طيها وإنها لمحك البلاغة ومنتقد البصيرة ومضمار النظار ومتفاضل الأنظار ومعيار قدر الفهم ومسبار غور الخاطر ومنجم صوابه وخطئه ومعجم جلائه وصدائه وهي التي إذا طبقت فيها المفصل شهدوا لك من البلاغة بالقدح المعلى وإن لك في إبداع وشيها اليد الطولى، وهذا فصل له فضل احتياج على تقرير واف وتحرير شاف. اعلم أن تمييز موضع العطب عن غير موضعه في الجمل كنحو أن تذكر معطوفا بعضها على بعض تارة ومتروكا العطف بينها تارة أخرى هو الأصل في هذا الفن وأنه نوعان نوع يقرب تعاطيه ونوع يبعد ذلك فيه فالقريب هو تقصد بينها بغير الواو أو بالواو بينها لكن بشرط أن يكون للمعطوف عليها محل من الإعراب والبعيد هو أن تقصد العطف بينها بالواو وليس للمعطوف عليها محل إعرابي، والسبب في أن قرب القريب وبعد البعيد هو ان العطف في باب البلاغة يعتمد معرفة أصول ثلاثة: أحدها الموضع الصالح له من حيث الوضع. وثانيها فائدته. ثالثها وجه كونه مقبولا لا مردودا، وأنت إذا أتقنت معاني الفاء وثم وحتى ولا وبل ولكن وأو وأم وأما وأي على قولي حصلت لك الثلاثة لدلالة كل منها على معنى محصل مستدع من الجمل بينا مخصوصا مشتملا على فائدته وكونه مقبولا هناك وكذلك إذا أتقنت أن الإعراب صنفان لا غير: صنف ليس يتبع